فَهَذَا الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ اللَّفْظِ، وَتَكُونُ " أَوْ " بَاقِيَةً عَلَى حَالِهَا مِنْ دَلالَتِهَا عَلَى أَحَدِ الشَّيْئَيْنِ، وَلَيْسَتْ لِلإِضْرَابِ. وَهَذَا الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُفَسَّرَ بِهِ كَلامُ سِيبَوَيْهِ. وَمَنْ ادَّعَى مِنْ النَّحْوِيِّينَ أَنَّ سِيبَوَيْهِ جَعَلَهَا لِلإِضْرَابِ فَدَعْوَاهُ غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ، إلا أَنْ يُرِيدَ بِالإِضْرَابِ أَنَّهُ أَضْرَبَ عَنْ الْجَزْمِ بِالنَّهْيِ عَنْ الأَوَّلِ. وَأَرْدَفَهُ بِأَوْ الدَّالَّةِ عَلَى النَّهْيِ عَنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ لا عَنْ الأَوَّلِ بِعَيْنِهِ وَلا عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ. وَيَكُونُ مُرَادُ سِيبَوَيْهِ بِانْقِلابِ الْمَعْنَى انْقِلابَهُ مِنْ النَّهْيِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ إلَى النَّهْيِ عَنْ أَحَدِهِمَا وَكَوْنُ " أَوْ " لِلإِضْرَابِ لَمْ يَضْرِبْ بِهِ سِيبَوَيْهِ لَكِنَّ فِي وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ فِي تِلْكَ الأَمْثِلَةِ الَّتِي ذَكَرَ وَالنَّهْيُ خَاصَّةٌ وَأَنَّهُ إضْرَابٌ عَنْ الْجَزْمِ بِالأَوَّلِ إلَى التَّخْيِيرِ عَيْنُ مَا قُلْنَاهُ مِنْ دَلالَتِهَا عَلَى أَحَدِ الشَّيْئَيْنِ بَلْ أَقُولُ يُمْكِنُ طَرْدُ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ وُجُوهِهَا الَّتِي ذَكَرَهَا النُّحَاةُ مِنْ الشَّكِّ وَالإِبْهَامِ. وَالتَّخْيِيرِ وَالإِبَاحَةِ فَإِنَّ الَّتِي لِلشَّكِّ أَوْ الإِبْهَامِ الْخَبَرُ فِيهَا بِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ وَاَلَّتِي لِلتَّخْيِيرِ أَوْ الإِبَاحَةِ الأَمْرُ أَوْ النَّهْيُ فِيهَا لأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ. وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ كَلامِ النُّحَاةِ خَبْطٌ فِي ذَلِكَ حَتَّى مَثَّلَ بَعْضُهُمْ الَّتِي لِلإِبْهَامِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلا أَوْ نَهَارًا كَأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ هَذَا خَبَرٌ مَاضٍ وَإِنَّمَا هُوَ جَاءَ فِي ضِمْنِ مَثَلٍ مَفْرُوضِ الْوُقُوعِ إمَّا فِي اللَّيْلِ