تَفْرِضُوا مُتَعَلِّقٌ بِخَبَرِ لا جُنَاحَ وَأَنَّ " أَوْ " بَاقِيَةٌ عَلَى حَالِهَا وَأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا بِمَعْنَى " إلا أَنْ " لَكِنَّهُ تَكَلُّفٌ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ. وَعَلَى كِلا التَّقْدِيرَيْنِ الْمَعْنَى مَا لَمْ تَكُونُوا مَسَسْتُمْ أَوْ فَرَضْتُمْ، لأَنَّ أَحَدَ الأَمْرَيْنِ الْمُسَبِّبَ لِلْجُنَاحِ هُوَ الْوَاقِعُ قَبْلَ الطَّلاقِ فَلا بُدَّ مِنْ مَجَازٍ إمَّا فِي " تَمَسُّوهُنَّ " بِمَعْنَى : تَكُونُوا قَدْ مَسَسْتُمُوهُنَّ، وَإِمَّا بِأَنَّ الاسْتِقْبَالَ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ " إنْ " بِالنِّسْبَةِ إلَى الْخِطَابِ لا إلَى الطَّلاقِ. وَلَوْ جُعِلَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا مُتَعَلِّقًا (بِطَلَّقْتُمْ) سَلِمَ عَنْ هَذَا الْمَجَازِ، لَكِنْ يُعَارِضُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِمَّا رَجَحَ تَعَلُّقُهُ بِخَبَرِ ﴿لا جُنَاحَ﴾ فَلِذَلِكَ اخْتَرْنَاهُ لَكِنْ يَرِدُ عَلَى كَلامِ ابْنِ الْحَاجِبِ شَيْءٌ، وَهُوَ أَنَّهُ هُنَا جَعَلَ التَّرْدِيدَ بَيْنَ الْمَسِّ وَالْفَرْضِ وَلَمْ يُعِدْ حَرْفَ النَّفْيِ ؛ وَهُوَ حَقٌّ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّك لا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إيمَانِهَا خَيْرًا﴾ قَدَّرْت : لا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوَّلا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ وَلا كَسَبَتْ فِي إيمَانِهَا خَيْرًا. وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الَّتِي مَا آمَنَتْ مَا كَسَبَتْ فِي إيمَانِهَا خَيْرًا فَلا وَجْهَ لِعَطْفِهِ عَلَيْهِ لأَنَّهُ لا يُفِيدُ فَائِدَةً أُخْرَى فَاحْتِيجَ إلَى تَقْدِيرِ حَرْفِ النَّفْيِ بَلْ وَزِيَادَةٍ عَلَيْهِ. وَهُوَ أَنْ تُقَدِّرَ " نَفْسًا " حَتَّى تَكُونَ النَّفْسُ الثَّانِيَةُ غَيْرَ النَّفْسِ الأُولَى لِتَتِمَّ الْفَائِدَةُ.


الصفحة التالية
Icon