والثالث : أن قوله تعالى :﴿الذى بِيَدِهِ عُقْدَةُ النكاح﴾ معناه الذي بيده عقدة نكاح ثابت له لا لغيره، كما أن قوله :﴿وَنَهَى النفس عَنِ الهوى فَإِنَّ الجنة هِىَ المأوى﴾ [ النازعات : ٤٠ ] أي نهى النفس عن الهوى الثابت له لا لغيره، كانت الجنة ثابتة له، فتكون مأواه
الرابع : ما روي عن جبير بن مطعم، أنه تزوج امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها فأكمل الصداق، وقال : أنا أحق بالعفو، وهذا يدل على أن الصحابة فهموا من الآية العفو الصادر من الزوج.
حجة من قال : المراد هو الولي وجوه
الأول : أن الصادر من الزوج هو أن يعطيها كل المهر، وذلك يكون هبة، والهبة لا تسمى عفواً،
أجاب الأولون عن هذا من وجوه أحدها : أنه كان الغالب عندهم أن يسوق المهر إليها عند التزوج، فإذا طلقها استحق أن يطالبها بنصف ما ساق إليها، فإذا ترك المطالبة فقد عفا عنها
وثانيها : سماه عفواً على طريق المشاكلة
وثالثها : أن العفو قد يراد به التسهيل يقال : فلان وجد المال عفواً صفواً، وقد بينا وجه هذا القول في تفسير قوله تعالى :﴿فَمَنْ عُفِىَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَىْء﴾ وعلى هذا عفو الرجل أن يبعث إليها كل الصداق على وجه السهولة.
أجاب القائلون بأن المراد هو الولي عن السؤال الأول بأن صدور العفو عن الزوج على ذلك الوجه لا يحصل إلا على بعض التقديرات والله تعالى ندب إلى العفو مطلقاً وحمل المطلق على المقيد خلاف الأصل، وأجابوا عن السؤال الثاني أن العفو الصادر عن المرأة هو الإبراء وهذا عفو في الحقيقة أما الصادر عن الرجل محض الهبة فكيف يسمى عفواً ؟.
وأجابوا عن السؤال الثالث بأنه لو كان العفو هو التسهيل لكان كل من سهل على إنسان شيئاً يقال إنه عفا عنه ومعلوم أنه ليس كذلك.


الصفحة التالية
Icon