قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَهَذَا الْكَلَامُ فَارِغٌ لَا مَعْنَى تَحْتَهُ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَذْكُرُ إيجَابَ الْأَحْكَامِ تَارَةً بِالنُّصُوصِ، وَتَارَةً بِالدَّلَالَةِ عَلَى الْمَعْنَى الْمُرَادِ مِنْ غَيْرِ نَصٍّ عَلَيْهِ، وَتَارَةً بِلَفْظٍ يَحْتَمِلُ لِلْمَعَانِي وَهُوَ فِي بَعْضِهَا أَظْهَرُ وَبِهِ أَوْلَى، وَتَارَةً بِلَفْظٍ مُشْتَرَكٍ يَتَنَاوَلُ مَعَانِيَ مُخْتَلِفَةً يُحْتَاجُ فِي الْوُصُولِ إلَى الْمُرَادِ بِالِاسْتِدْلَالِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ ؛ وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي الْقُرْآنِ. أ هـ ﴿أحكام القرآن للجصاص حـ ٢ صـ ١٥٢ ـ ١٥٣﴾
فائدة
قال أبو حيان :
سمي ذلك عفواً إما على طريق المشاكلة، لأن قبله ﴿إلا أن يعفون﴾ أو لأن من عادتهم أن كانوا يسوقون المهر عند التزوج، ألا ترى إلى قوله ﷺ لعلي كرم الله وجهه :" فأين درعك الحطيمة " يعني أن يصدقها فاطمة صلى الله على رسول الله وعليها، فسمى ترك أخذهم النصف مما ساقوه عفوا عنه. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٢٤٥﴾
فائدة
قال الفخر :
للشافعي أن يتمسك بهذه الآية في بيان أنه لا يجوز النكاح إلا بالولي، وذلك لأن جمهور المفسرين أجمعوا على أن المراد من قوله :﴿أَوْ يَعْفُوَاْ الذى بِيَدِهِ عُقْدَةُ النكاح﴾ إما الزوج وإما الولي، وبطل حمله على الزوج لما بينا أن الزوج لا قدرة له ألبتة على عقدة النكاح، فوجب حمله على الولي.
إذا ثبت هذا فنقول : قوله :﴿بِيَدِهِ عُقْدَةُ النكاح﴾ هذا يفيد الحصر لأنه إذا قيل : بيده الأمر والنهي معناه أنه بيده لا بيد غيره، قال تعالى :﴿لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ [ الكافرون : ٦ ] أي لا لغيركم، فكذا ههنا بيد الولي عقدة النكاح لا بيد غيره، وإذا كان كذلك فوجب أن يكون بيد المرأة عقدة النكاح وذلك هو المطلوب والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ١٢٣﴾