﴿فإذا أمنتم﴾ قال مجاهد أي : خرجتم من السفر إلى دار الإقامة، ورده الطبري، قيل : ولا ينبغي رده لأنه شرح الأمن بمحل الأمن لأن الإنسان إذا رجع من سفره وحل دار اقامته أمن، فكان السفر مظنة الخوف، كما أن دار الإقامة محل الأمن. وقيل : معنى فإذا أمنتم أي : زال خوفكم الذي ألجاكم إلى هذه الصلاة. وقيل : فإذا كنتم آمنين، أي : متى كنتم على أمن قبل أو بعد..
أهـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٢٥٣﴾
قال الفخر :
أما قوله تعالى :﴿فَإِذَا أَمِنتُمْ﴾ فالمعنى بزوال الخوف الذي هو سبب الرخصة ﴿فاذكروا الله كَمَا عَلَّمَكُم﴾ وفيه قولان الأول : فاذكروا بمعنى فافعلوا الصلاة كما علمكم بقوله :﴿حافظوا عَلَى الصلوات والصلاة الوسطى وَقُومُواْ لِلَّهِ قانتين﴾ [ البقرة : ٢٣٨ ] وكما بينه بشروطه وأركانه، لأن سبب الرخصة إذا زال عاد الوجوب فيه كما كان من قبل، والصلاة قد تسمى ذكراً لقوله تعالى :﴿فاسعوا إلى ذِكْرِ الله﴾ [ الجمعة : ٩ ].
والقول الثاني :﴿فاذكروا الله﴾ أي فاشكروه لأجل إنعامه عليكم بالأمن، طعن القاضي في هذا القول وقال : إن هذا الذكر لما كان معلقاً بشرط مخصوص، وهو حصول الأمن بعد الخوف لم يكن حمله على ذكر يلزم مع الخوف والأمن جميعاً على حد واحد، ومعلوم أن مع الخوف يلزم الشكر، كما يلزم مع الأمن، لأن في كلا الحالين نعمة الله تعالى متصلة، والخوف ههنا من جهة الكفار لا من جهته تعالى، فالواجب حمل قوله تعالى :﴿فاذكروا الله﴾ على ذكر يختص بهذه الحالة.
والقول الثالث : أنه دخل تحت قوله :﴿فاذكروا الله﴾ الصلاة والشكر جميعاً، لأن الأمن بسبب الشكر محدد يلزم فعله مع فعل الصلاة في أوقاتها.


الصفحة التالية
Icon