قوله تعالى :﴿والذين يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً﴾ ذهب جماعة من المفسرين في تأويل هذه الآية أنّ المتوفّى عنها زوجها كانت تجلس في بيت المتوفَّى عنها حولاً، ويُنفق عليها من ماله ما لم تخرج من المنزل ؛ فإن خرجت لم يكن على الورثة جُناح في قطع النفقة عنها ؛ ثم نُسخ الحولُ بالأربعة الأشهر والعشر، ونُسخت النفقةُ بالرُّبُع والثُّمن في سورة " النساء" قاله ابن عباس وقتادة والضحاك وابن زيد والربيع. وفي السكنى خلاف للعلماء، روى البخاري عن ابن الزبير قال : قلت لعثمان هذه الآية التي في " البقرة" :﴿والذين يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً﴾ إلى قوله ﴿غَيْرَ إِخْرَاجٍ﴾ قد نسختها الآية الأُخرى فلم تكتبها أو تَدَعُها ؟ قال : يابن أخي لا أُغير شيئاً منه من مكانه. وقال الطبري عن مجاهد : إن هذه الآية محكمة لا نسخ فيها، والعدّة كانت قد ثبتت أربعة أشهر وعشراً، ثم جعل الله لهن وصِيَّةً منه سُكْنَى سبعة أشهر وعشرين ليلة، فإن شاءت المرأة سكنت في وصيتها، وإن شاءت خرجت، وهو قول الله عز وجل :﴿غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾. قال ابن عطية : وهذا كله قد زال حكمه بالنسخ المتّفق عليه إلا ما قوّله الطبري مجاهداً رحمهما الله تعالى، وفي ذلك نظر على الطبري. وقال القاضي عِياض : والإجماع منعقد على أن الحول منسوخ وأن عِدّتها أربعةُ أشهر وعشرٌ. قال غيره : معنى قوله " وَصِيَّةً" أي من الله تعالى تجب على النساء بعد وفاة الزوج بلزوم البيوت سنَةً ثم نُسخ.


الصفحة التالية
Icon