وهو مذهب الأئمة الثلاثة، خلافاً للشافعي القائل بخصوصه به ﷺ إلا بدليل على العموم، كما بيناه في غير هذا الموضع.
وإذا عرفت ذلك فاعلم : أن أزواج النَّبي مفروض لهن ومدخول بهن، وقد يفهم من موضع آخر أن المتعة لخصوص المطلقة قبل الدخول. وفرض الصداق معاً. لأن المطلقة بعد الدخول تستحق الصداق، والمطلقة قبل الدخول وبعد فرض الصداق تستحق نصف الصداق. والمطلقة قبلهما لا تستحق شيئاً، فالمتعة لها خاصة لجبر كسرها وذلك في قوله تعالى :﴿لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النسآء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ﴾ [ البقرة : ٢٣٦ ] ثم قال :﴿وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ﴾ [ البقرة : ٢٣٧ ] فهذه الآية ظاهرة في هذا التفصيل، ووجهه ظهر معقول.
وقد ذكر تعالى في موضع آخر ما يدل على الأمر بالمتعة للمطلقة قبل الدخول وإن كان مفروضاً لها، وذلك في قوله تعالى :﴿ياأيها الذين آمنوا إِذَا نَكَحْتُمُ المؤمنات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً﴾ [ الأحزاب : ٤٩ ]. لأن ظاهر عمومها يشمل المفروض لها الصداق وغيرها، وبكل واحدة من الآيات الثلاث أخذ جماعة من العلماء. والأحوط الأخذ بالعموم، وقد تقرر في الأصول أن النص الدال على الأمر مقدم على الدال على الإباحة، وعقده في مراقي السعود بقوله :
وناقل ومثبت والآمر... بعد النواهي ثم هذا الآخر
على إباحة إلخ.
فقوله ثم هذا الآخر على إباحة، يعني : أن النص الدال على أمر مقدم على النص الدال على غباحة، للاحتياط في الخروج من عهدة الطلب.