وقال البقاعى :
ولما انقضى ما لا بد منه مما سيق بعد الإعلام بفرض القتال المكروه للأنفس من تفصيل ما أحمل في ليل الصيام من المشارب والمناكح وما تبعها وكان الطلاق كما سلف كالموت وكانت المراجعة كالإحياء وختم ذلك بالصلاة حال الخوف الذي أغلب صورة الجهاد ثم بتبيين الآيات أعم من أن تكون في الجهاد أو غيره عقب ذلك بقوله دليلاً على آية كتب القتال المحثوث فيها على الإقدام على المكاره لجهل المخلوق بالغايات :﴿ألم تر﴾ وقال الحرالي : لما كان أمر الدين مقاماً بمعالمه الخمس التي إقامة ظاهرها تمام في الأمة وإنما تتم إقامتها بتقوى القلوب وإخلاص النيات كان القليل من المواعظ والقصص في شأنه كافياً، ولما كان حظيرة الدين إنما هو الجهاد الذي فيه بذل الأنفس وإنفاق الأموال كثرت فيه مواعظ القرآن وترددت وعرض لهذه الأمة بإعلام بما يقع فيه فذكر ما وقع من الأقاصيص في الأمم السالفة وخصوصاً أهل الكتابين بني إسرائيل ومن لحق بهم من أبناء العيص فكانت وقائعهم مثلاً لوقائع هذه الأمة فلذلك أحيل النبي ﷺ على استنطاق أحوالهم بما يكشفه الله سبحانه وتعالى له من أمرهم عياناً وبما ينزله من خبرهم بياناً وكان من جامعة معنى ذلك ما تقدم من قوله سبحانه وتعالى :﴿سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة﴾ [ البقرة : ٢١١ ] وكان من جملة الآيات التي يحق الإقبال بها على النبي ﷺ لعلو معناها فأشرف المعاني ما قيل فيه ﴿ألم تر﴾ إقبالاً على النبي ﷺ وعموم المعاني ما قيل فيه ﴿ألم تروا﴾ [ لقمان : ٢٠ ] إقبالاً على الأمة ليخاطب كل على قدر ما قدم لهم من تمهيد موهبة العقل لتترتب المكسبة من العلم على مقدار الموهبة من العقل فكان من القصص العلي العلم اللطيف الاعتبار ما تضمنته هذه الآيات من قوله :﴿ألم تر﴾ ليكون ذلك عبرة لهذه الأمة حتى لا يفروا من الموت فرار من قبلهم، قال عليه الصلاة والسلام :" إذا نزل الوباء