قال ابن عطية
وهذا القصص كله لين الأسانيد، وإنما اللازم من الآية أن الله تعالى أخبر نبيه محمداً ﷺ أخباراً في عبارة التنبيه والتوقيف، عن قوم من البشر خرجوا من ديارهم فراراً من الموت، فأماتهم الله تعالى ثم أحياهم، ليروا هم وكل من خلف بعدهم أن الإماتة إنما هي بيد الله لا بيد غيره، فلا معنى لخوف خائف ولاغترار مغتر، وجعل الله تعالى هذه الآية مقدمة بين يدي أمره المؤمنين من أمة محمد بالجهاد. هذا قول الطبري، وهو ظاهر رصف الآية، ولموردي القصص في هذه القصة زيادات اختصرتها لضعفها. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ١ صـ ٣٢٨﴾
وقال أبو حيان :
وقد كثر الاختلاف والزيادة والنقص في هذه القصص، والله أعلم بصحة ذلك، ولا تعارض بين هذه القصص، إلاَّ أن عين أن ﴿الذين خرجوا من ديارهم﴾ هم من ذكر في القصة لا غير، وإلاَّ فيجوز أن ذكرت كل قصة على سبيل المثال، إذ لا يمتنع أن يفر ناسٌ من الجهاد، وناس من الطاعون، وناس من الحمى، فيميتهم ثم يحييهم ليعتبروا بذلك، ويعتبر من يأتي بعدهم، وليعلموا جميعاً أن الإماتة والإحياء بيد الله، فلا ينبغي أن يخاف من شيء مقدّر، ولا يغتر فطن بحيلة أنها تنجيه مما شاء الله. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٢٥٩﴾
قوله تعالى :﴿وَهُمْ أُلُوفٌ﴾
قال الفخر :
أما قوله تعالى :﴿وَهُمْ أُلُوفٌ﴾ ففيه قولان
الأول : أن المراد منه بيان العدد، واختلفوا في مبلغ عددهم، قال الواحدي رحمه الله : ولم يكونوا دون ثلاثة آلاف، ولا فوق سبعين ألفاً، والوجه من حيث اللفظ أن يكون عددهم أزيد من عشرة آلاف لأن الألوف جمع الكثرة، ولا يقال في عشرة فما دونها ألوف.