والقول الثاني : أن الألوف جمع آلاف كقعود وقاعد، وجلوس وجالس، والمعنى أنهم كانوا مؤتلفي القلوب، قال القاضي : الوجه الأول أولى، لأن ورود الموت عليهم وهم كثرة عظيمة يفيد مزيد اعتبار بحالهم، لأن موت جمع عظيم دفعة واحدة لا يتفق وقوعه يفيد اعتباراً عظيماً، فأما ورود الموت على قوم بينهم ائتلاف ومحبة، كوروده وبينهم اختلاف في أن وجه الاعتبار لا يتغير ولا يختلف.
ويمكن أن يجاب عن هذا السؤال بأن المراد كون كل واحد منهم آلفاً لحياته، محباً لهذه الدنيا فيرجع حاصله إلى ما قال تعالى في صفتهم :﴿وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ الناس على حياة﴾ [ البقرة : ٩٦ ] ثم إنهم مع غاية حبهم للحياة والفهم بها، أماتهم الله تعالى وأهلكهم، ليعلم أن حرص الإنسان على الحياة لا يعصمه من الموت فهذا القول على هذا الوجه ليس في غاية البعد. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ١٣٨ ـ ١٣٩﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿وَهُمْ أُلُوفٌ﴾ قال الجمهور :
هي جمع ألف. قال بعضهم : كانوا ستمائة ألف. وقيل : كانوا ثمانين ألفاً. ابن عباس : أربعين ألفاً. أبو مالك : ثلاثين ألفاً. السدّي : سبعة وثلاثين ألفاً. وقيل : سبعين ألفاً ؛ قاله عطاء ابن أبي رباح. وعن ابن عباس أيضاً أربعين ألفاً، وثمانية آلاف ؛ رواه عنه ابن جُريج. وعنه أيضاً ثمانية آلاف، وعنه أيضاً أربعة آلاف، وقيل : ثلاثة آلاف. والصحيح أنهم زادوا على عشرة آلاف لقوله تعالى :﴿وَهُمْ أُلُوفٌ﴾ وهو جمع الكثرة، ولا يقال في عشرة فما دونها أُلوف. (١) أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٣ صـ ٢٣١﴾

__
(١) الأولى تفويض العلم إلى الله تعالى فى هذه المسألة وما شابهها والمهم الوقوف عند مواطن العبر والعظات فلو كان فى ذكر العدد فائدة هنا لذكره القرآن وحيث لم يذكره يجب التوقف عند إخبار القرآن إلا إذا صحت الأخبار عن الصادق المعصوم صلى الله عليه وسلم. والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon