والقول الثاني : أنه تعالى أمر الرسول أن يقول لهم : موتوا، وأن يقول عند الإحياء ما رويناه عن السدي، ويحتمل أيضاً ما رويناه من أن الملك قال ذلك، والقول الأول أقرب إلى التحقيق. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ١٣٩﴾
وقال ابن عاشور :
وقوله تعالى :﴿فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم﴾ القَولُ فيه إما مجاز في التكوين والموت حقيقة أي جعل فيهم حالة الموت، وهي وقوف القلب وذهاب الإدراك والإحساس، استعيرت حالة تلقي المكوَّن لأثر الإرادة بتلقي المأمور للأمر، فأطلق على الحالة المشبهة المركبُ الدال على الحالة المشبَّه بها على طريقة التمثيل، ثم أحياهم بزوال ذلك العارض فعلموا أنهم أصيبوا بما لو دام لكان موتاً مستمراً، وقد يكون هذا من الأدواء النادرة المشْبِهة داء السكت وإما أن يكون القول مجازاً عن الإنذار بالموت، والموتُ حقيقة، أي أراهم الله مهالك شموا منها رائحة الموت، ثم فرج الله عنهم فأحياهم.
وإما أن يكون كلاماً حقيقياً بوحي الله، لبعض الأنبياء، والموتُ موت مجازي، وهو أمر للتحقير شتماً لهم، ورَماهم بالذل والصغار، ثم أحياهم، وثبتَ فيهم روح الشجاعة. (١)
(١) لا يخفى ما فى هذا الوجه وما قبله من بعد بعيد فما سبب حمل الموت على المجاز مع أن المجاز خلاف الأصل ولا يصار إليه إلا إذا تعذر حمل اللفظ على الحقيقة كذلك المجاز يحتاج إلى قرينة أو مرجح وهو مفقود فى الآية الكريمة فلم يبق إلا حمل الموت على الحقيقة. والله أعلم بمراده.