ولما أجابهم إلى ما سألوا كان من أول جلافتهم اعتراضهم على أمر الملك الديان الذي أورده لهم باسمه الأعظم الدال على جميع الكمال من الجلال والجمال ليكون أجدر لهم بقبول أمره والوقوف عند زجره وأورد اعتراضهم في جواب من كأنه قال : ما فعلوا إذ أجابهم إلى ما سألوا ؟ فقال :﴿قالوآ﴾ أي هم لا غيرهم ﴿أنى﴾ أي من أين وكيف ﴿يكون له﴾ أي خاصة ﴿الملك علينا ونحن﴾ أي والحال أنا نحن ﴿أحق بالملك منه﴾ لأن فينا من هو من سبط الملوك دونه.
قال الحرالي : فثنوا اعتراضهم بما هو أشد وهو الفخر بما ادعوه من استحقاق الملك على من ملكه الله عليهم فكان فيه حظ من فخر إبليس حيث قال حين أمر بالسجود لآدم :﴿أنا خير منه﴾ [ ص : ٧٦ ] انتهى.
﴿ولم﴾ أي والحال أنه لم ﴿يؤت سعة من المال﴾ أي فصار له مانعان : أحدهما أنه ليس من بيت المملكة، والثاني أنه مملق والملك لا بد له من مال يعتضد به.
قال الحرالي : فكان في هذه الثالثة فتنة استصنام المال وأنه مما يقام به ملك وإنما الملك بايتاء الله فكان في هذه الفتنة الثالثة جهل وشرك، فتزايدت صنوف فتنتهم فيما انبعثوا إلى طلبه من أنفسهم - انتهى. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٤٧٢ ـ ٤٧٣﴾