وتأكيدُ الخبر بإنَّ إيذان بأن من شأن هذا الخبر أن يُتلقى بالاستغراب والشك، كما أنبأ عنه قولهم :﴿أنى يكون له الملك علينا﴾.
ووقع في سفر صمويل في الإصحاح التاسع أنه لما صمم بنو إسرائيل في سؤالهم أن يعين لهم مِلكاً، صلى لله تعالى فأوحى الله إليه أنْ أجبْهم إلى كل ما طلبوه، فأجابهم وقال لهم : اذهبوا إلى مدنكم، ثم أوحى الله إليه صفة الملك الذي سيعينه لهم، وأَنه لقيه رجل من بنيامين اسمه شَاول بن قيس، فوجد فيه الصفة وهي أنه أطول القوم، ومسَحَهُ صمويلُ ملكاً على إسرائيل، إذْ صب على رأسه زيتاً، وقبَّله وجمع بني إسرائيل بعد أيام في بلد المصفاة وأحضره وعينه لهم ملكاً، وذلك سنة ١٠٩٥ قبل المسيح.
وهذا الملك هو الذي سمي في الآية طالوت وهو شاول وطالوت لقبهُ، وهو وزن اسم مصدر من الطول، على وزن فعَلُوت مثل جَبَروت ومَلكوت ورَهَبوت ورغَبوت ورحموت، ومنه طاغوت أصله طَغَيُوت فوقع فيه قلب مكاني، وطالوت وصف به للمبالغة في طول قامته، ولعله جعل لقباً له في القرآن للإِشارة إلى الصفة التي عرف بها لصمويل في الوحي الذي أوحى الله إليه كما تقدم، ولمراعاة التنظير بينه وبين جالوت غريمه في الحرب، أو كان ذلك لقباً له في قومه قبلَ أن يؤتى الملك، وإنما يلقب بأمثال هذا اللقب من كان من العموم.