ولما قالوا :﴿ونحن أحق بالملك منه﴾ فكان في قولهم ادّعاء الأحقية في الملك، حتى كأن الملك هو في ملكهم، أضاف الملك إلى الله في قوله : ملكاً، فالملك ملكه يتصرف فيه كما أراد، فلستم بأحق فيه، لأنه ملك الله يؤتيه من يشاء، وقيل : هاتان الجملتان ليستا داخلتين في قول النبي، بل هي إخبار من الله تعالى لنبيه ﷺ، فهي معترضة في هذه القصة، جاءت للتشديد والتقوية لمن يؤتيه الله الملك، أي : فإذا كان الله تعالى هو المتصرف في ملكه فلا اعتراض عليه ﴿لا يسأل عما يفعل﴾ وختم بهاتين الصفتين، إذ تقدّم دعواهم أنهم أهل الملك، وأنهم الأغنياء، وأن طالوت ليس من بيت الملك، وأنه فقير فقال تعالى : إنه واسع، يوسع فضله على الفقير، عليم بمن هو أحق بالملك، فيضعه فيه ويختاره له. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٢٦٧﴾
قال الفخر :
الوجه الرابع : في الجواب قوله تعالى :﴿والله واسع عَلِيمٌ﴾ وفيه ثلاثة أقوال
أحدها : أنه تعالى واسع الفضل والرزق والرحمة، وسعت رحمته كل شيء، والتقدير : أنتم طعنتم في طالوت بكونه فقيراً، والله تعالى واسع الفضل والرحمة، فإذا فوض الملك إليه، فإن علم أن الملك لا يتمشى إلا بالمال، فالله تعالى يفتح عليه باب الرزق والسعة في المال.
والقول الثاني : أنه واسع، بمعنى موسع، أي يوسع على من يشاء من نعمه، وتعلقه بما قبله على ما ذكرناه والثالث : أنه واسع بمعنى ذو سعة، ويجيء فاعل ومعناه ذو كذا، كقوله :﴿عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ﴾ [ الحاقة : ٢١ ] أي ذات رضا، وهم ناصب ذو نصب، ثم بين بقوله :﴿عَلِيمٌ﴾ أنه تعالى مع قدرته على إغناء الفقير عالم بمقادير ما يحتاج إليه في تدبير الملك، وعالم بحال ذلك الملك في الحاضر والمستقبل، فيختار لعلمه بجميع العواقب ما هو مصلحته في قيامه بأمر الملك. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ١٤٨﴾
قال ابن عاشور :


الصفحة التالية
Icon