وقال الحرالي : معناه ثبات في القلوب يكون له في عالم الملكوت صورة بحسب حال المثبت، ويقال : كانت سكينة بني إسرائيل صورة هرّ من ياقوت ولؤلؤ وزبرجد ملفق منه أعضاء تلك الصورة تخرج منه ريح هفّافة تكون علم النصر لهم - انتهى.
وزاده مدحاً بقوله :﴿من ربّكم﴾ أي الذي طال إحسانه إليكم وتربيته باللطف لكم.
وقال الحرالي وغيره : إنه كان في التابوت صورة يأتي منها عند النصر ريح تسمع.
قال الحرالي : كما كانت الصبا تهب لهذه الأمة بالنصر، قال ﷺ :" نصرت بالصبا " فكانت سكينتها كلية آفاقها وتابوتها كلية سمائها حتى لا تحتاج إلى محمل يحملها ولا عدة تعدها لأنها أمة أمية تولى الله لها إقامة علمها وأعمالها - انتهى. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٤٧٤ ـ ٤٧٥﴾
قال الفخر :
اعلم أن ظاهر الآية المتقدمة يدل على أن أولئك الأقوام كانوا مقرين بنبوة النبي الذي كان فيهم لأن قوله تعالى حكاية عنهم ﴿إِذْ قَالُواْ لِنَبِىّ لَّهُمُ ابعث لَنَا مَلِكًا﴾ كالظاهر في أنهم كانوا معترفين بنبوة ذلك النبي، ومقرين بأنه مبعوث من عند الله تعالى، ثم إن ذلك النبي لما قال :﴿إِنَّ الله قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا﴾ كان هذا دليلاً قاطعاً في كون طالوت ملكاً، ثم إنه تعالى لكمال رحمته بالخلق، ضم إلى ذلك الدليل دليلاً آخر يدل على كون ذلك النبي صادقاً في ذلك الكلام، ويدل أيضاً على أن طالوت نصبه الله تعالى للملك وإكثار الدلائل من الله تعالى جائز، ولذلك أنه كثرت معجزات موسى عليه السلام، ومحمد عليه الصلاة والسلام، فلهذا قال تعالى :﴿وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ ءَايَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التابوت﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ١٤٩﴾
قال القرطبى :