قوله تعالى :﴿وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التابوت﴾ أي إتيانُ التابوت، والتابوت كان من شأنه فيما ذكر أنه أنزله الله على آدم عليه السلام، فكان عنده إلى أن وصل إلى يعقوب عليه السلام، فكان في بني إسرائيل يَغلبون به من قاتلهم حتى عَصَوْا فَغُلبوا على التابوت غلبهم عليه العمالقة : جالوت وأصحابه في قول السدي، وسلبوا التابوت منهم.
قلت : وهذا أدل دليل على أن العصيان سبب الخذلان، وهذا بَيِّن.
قال النحاس : والآية في التابوت على ما رُوي أنه كان يسمع فيه أنِينٌ، فإذا سمعوا ذلك ساروا لحربهم، وإذا هَدأَ الأنين لم يسيروا ولم يسِر التابوت.
وقيل : كانوا يضعونه في مأزق الحرب فلا تزال تَغلِب حتى عصوا فغُلبوا وأُخِذ منهم التابوت وذلّ أمرهم ؛ فلما رأُوا آية الاصْطِلام وذهاب الذكر، أنِف بعضهم وتكلموا في أمرهم حتى اجتمع ملؤهم أن قالوا لنبيّ الوقت : ابعث لنا ملكاً ؛ فلما قال لهم : ملككم طالوت راجعوه فيه كما أخبر الله عنهم ؛ فلما قطعهم بالحجة سألوه البيِّنة على ذلك، في قول الطبريّ.
فلما سألوا نبيهم البينة على ما قال، دعا ربه فنزل بالقوم الذين أخذوا التابوت داءٌ بسببه، على خلاف في ذلك.
قيل : وضعوه في كنيسة لهم فيها أصنام فكانت الأصنام تصبح منكوسة.
وقيل : وضعوه في بيت أصنامهم تحت الصنم الكبير فأصبحوا وهو فوق الصنم، فأخذوه وشدّوه إلى رجليه فأصبحوا وقد قُطعت يدا الصنم ورجلاه وألقيت تحت التابوت ؛ فأخذوه وجعلوه في قرية قوم فأصاب أُولئك القوم أوجاع في أعناقهم.