يعني تعالى ذكره بذلك : أن نبيه أشمويل قال لبني إسرائيل : إن في مجيئكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون حاملته الملائكة" لآية لكم"، يعني : لعلامة لكم ودلالة، أيها الناس، على صدقي فيما أخبرتكم : أن الله بعث لكم طالوت ملكا، أن كنتم قد كذبتموني فيما أخبرتكم به من تمليك الله إياه عليكم، واتهمتموني في خبري إياكم بذلك" إن كنتم مؤمنين"، يعني بذلك : إن كنتم مصدقي عند مجيء الآية التي سألتمونيها على صدقي فيما أخبرتكم به من أمر طالوت وملكه.
وإنما قلنا ذلك معناه، لأن القوم قد كانوا كفروا بالله في تكذيبهم نبيهم وردهم عليه قوله :" إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا"، بقولهم :" أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه"، وفي مسألتهم إياه الآية على صدقه. فإذ كان ذلك منهم كفرا،
فغير جائز أن يقال لهم وهم كفار : لكم في مجيء التابوت آية إن كنتم من أهل الإيمان بالله ورسوله : وليسوا من أهل الإيمان بالله ولا برسوله. ولكن الأمر في ذلك على ما وصفنا من معناه، لأنهم سألوا الآية على صدق خبره إياهم ليقروا بصدقه، فقال لهم : في مجيء التابوت- على ما وصفه لهم - آية لكم إن كنتم عند مجيئه كذلك مصدقي بما قلت لكم وأخبرتكم به. أ هـ ﴿تفسير الطبرى حـ ٥ صـ ٢٣٧ ـ ٢٣٨﴾
وقال أبو حيان :
﴿إن في ذلك لآية لكم، إن كنتم مؤمنين﴾ قيل : الإشارة إلى التابوت، والأحسن أن يعود على الإتيان أي : إتيان التابوت على الوصف المذكور ليناسب أول الآية آخرها، لأن أولها ﴿إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت﴾ والمعنى لآية لكم على ملكه واختياره لكم، وقيل : علامة لكم على نصركم على عدوّكم، لأنهم كانوا يستنصرون بالتابوت أينما توجهوا، فينصرون.
و: إن، قيل على حالها من وضعها للشرط.
أي : ذلك آية لكم على تقدير إيمانكم لأنهم قيل : صاروا كفرة بإنكارهم على نبيهم.