الحجة الثانية : سبب نزول الآية قال ابن عباس رضي الله عنهما : نزلت الآية في أبي الدحداح قال :" يا رسول الله إن لي حديقتين فإن تصدقت بإحداهما فهل لي مثلاها في الجنة ؟ قال : نعم، قال : وأم الدحداح معي ؟ قال : نعم، قال : والصبية معي ؟ قال : نعم، فتصدق بأفضل حديقته، وكانت تسمى الحنينة، قال : فرجع أبو الدحداح إلى أهله وكانوا في الحديقة التي تصدق بها، فقام على باب الحديقة، وذكر ذلك لامرأته فقالت أم الدحداح : بارك الله لك فيما اشتريت، فخرجوا منها وسلموها، فكان النبي ﷺ يقول : كم من نخلة رداح، تدلي عروقها في الجنة لأبي الدحداح ".
إذا عرفت سبب نزول هذه الآية ظهر أن المراد بهذا القرض ما كان تبرعاً لا واجباً.
والقول الثاني : أن المراد من هذا القرض الإنفاق الواجب في سبيل الله، واحتج هذا القائل على قوله بأنه تعالى ذكر في آخر الآية :﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ وذلك كالزجر، وهو إنما يليق بالواجب.
والقول الثالث : وهو الأقرب أنه يدخل فيه كلا القسمين، كما أنه داخل تحت قوله :﴿مَّثَلُ الذين يُنفِقُونَ أموالهم فِي سَبِيلِ الله كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ﴾ [ البقرة : ٢٦١ ] من قال : المراد من هذا القرض شيء سوى إنفاق المال، قالوا : روي عن بعض أصحاب ابن مسعود أنه قول الرجل " سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر" قال القاضي : وهذا بعيد، لأن لفظ الإقراض لا يقع عليه في عرف اللغة ثم قال : ولا يمكن حمل هذا القول على الصحة، إلا أن نقول : الفقير الذي لا يملك شيئاً إذا كان في قلبه أنه لو كان قادراً لأنفق وأعطى فحينئذٍ تكون تلك النية قائمة مقام الإنفاق، وقد روي عنه ﷺ أنه قال :" من لم يكن عنده ما يتصدق به فليلعن اليهود فإنه له صدقة ". أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ١٤١ ـ ١٤٢﴾