لَلُبْسُ عَبَاءَةٍ وَتَقَرَّ عَيْنِي... أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ لُبْسِ الشُّفُوفِ
والثاني : أنه نصبٌ على جوابِ الاستفهام في المعنى ؛ لأَنَّ الاستفهام وإِنْ وَقَعَ عن المُقْرِضِ لفظاً، فهو عن الإِقراضِ معنى كأنه قال : أيقرضُ اللهَ أَحَدٌ فيضاعفَه.
قال أبو البقاء :" ولا يجوز أن يكونَ جوابَ الاستفهام على اللفظ ؛ لأنَّ المُسْتَفْهَمَ عنه في اللَّفْظِ المُقرِضُ أي الفاعلُ للقَرْضِ، لا عن القَرْضِ، أي : الذي هو الفِعْلُ " وقد مَنَع بعضُ النَّحويّين النَّصبَ بعد الفاء في جواب الاستفهام الواقع عن المسندِ إليه الحكمُ لا عن الحُكم، وهو مَحْجوجٌ بهذه الآيةِ وغيرها، كقوله :" مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي ؛ فأغفرَ له، مَنْ يَدْعُونِي ؛ فأَسْتَجِيبَ له " بالنصبِ فيهما.
قال أبو البقاء : فإنْ قيلَ : لِمَ لاَ يُعْطَفُ [ الفعل على ] المصدرِ الذي هو " قرضاً " كما يُعْطَفُ الفعلُ على المصدرِ بإضمار " أَنْ " كقولِ الشاعر [ الوافر ]
١١٥٤- لَلُبْسُ عَبَاءَةٍ وتَقَرَّ عَيْنِي...............................
قيل : هذا لا يصحُّ لوجهين :
أحدهما : أنَّ " قرضاً " هنا مصدرٌ مؤكِّدٌ، والمصدرُ المُؤكِّدِ لا يُقَدَّرُ بـ " أَنْ " والفعلِ.
والثاني : أنَّ عطفَهُ عليه يُوجبُ أن يكونَ معمولاً ليقرضُ، ولا يصِحُّ هذا في المعنى ؛ لأَنَّ المضاعفةَ ليستُ مُقْرضَةً، وإِنَّما هي فعلُ اللهِ تعالى، وتعليله في الوجهِ الأولِ يُؤذِنُ بأنه يُشترط في النصبِ أنْ يُعْطَفَ على مصدر يتقدَّر بـ " أَنْ " والفعلِ، وهذا ليس بشرطٍ ؛ بل يجوزُ ذلك وإن كان الاسمُ المعطوفُ عليه غيرَ مصدرٍ ؛ كقوله :[ الطويل ]
١١٥٥- وَلَوْلاَ رِجَالٌ مِنْ رِزَامٍ أَعِزَّةٍ... وآلُ سُبَيْعٍ أَوْ أَسُوءَكَ عَلْقَمَا


الصفحة التالية
Icon