قوله تعالى ﴿فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنّى﴾
قال الفخر :
قوله :﴿فَلَيْسَ مِنّي﴾ كالزجر، يعني ليس من أهل ديني وطاعتي، ونظيره قوله تعالى :﴿والمؤمنون والمؤمنات بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بالمعروف وَيَنْهَوْنَ عَنِ المنكر﴾ ثم قال قبل هذا :﴿المنافقون والمنافقات بَعْضُهُمْ مّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بالمنكر وَيَنْهَوْنَ عَنِ المعروف﴾ وأيضاً نظيره قوله ﷺ :" ليس منا من لم يرحم صغيرنا ولم يوقر كبيرنا " أي ليس على ديننا ومذهبنا والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ١٥٣﴾
وقال أبو حيان :
﴿ فمن شرب منه فليس مني ﴾ أي : ليس من أتباعي في هذه الحرب، ولا أشياعي، ولم يخرجهم بذلك عن الإيمان نحو :" من غشنا فليس منا"، " ليس منا من شق الجيوب ولطم الخدود"، أو : ليس بمتصل بي ومتحد معي، من قولهم : فلان مني كأنه بعضه، لاختلاطهما واتحادهما قال النابغة :
إذا حاولت في أسد فجوراً...
فإني لست منك ولست مني. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٢٧٣﴾
وقال ابن عاشور :
ومعنى قول طالوت " ليس مني" يحتمل أنه أراد الغضب عليه والبعد المعنوي، ويحتمل أنه أراد أنه يفصله عن الجيش، فلا يكمل الجهاد معه، والظاهر الأول لقوله ﴿ ومن لم يطعَمْه فإنه مني ﴾ لأنه أراد به إظهار مكانة من ترك الشرب من النهر وولائه وقربه، ولو لم يكن هذا مراده لكان في قوله :﴿ فمن شرب منه فليس مني ﴾ غنية عن قوله : ومن لم يطعمه فإنه مني ؛ لأنه إذا كان الشارب مبعداً من الجيش فقد علم أن من لم يشرب هو باقي الجيش. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٤٩٧﴾
فائدة جليلة
قال الفخر :


الصفحة التالية
Icon