قال بعض المفسرين : لم يرد غرفة الكف، وإنما أراد المرة الواحدة بقربة أو جرة أو ما أشبه ذلك، وهذا الابتلاء الذي ابتلى الله به جنود طالوت ابتلاء عظيم، حيث منعوا من الماء مع وجوده وكثرته في شدة الحر والقيظة، وأن من أبيح له شيء منه فإنما هو مقدار ما يغرف بيده، فأين يصل منه ذلك ؟ وهذا أشد في التكليف مما ابتلى به أهل أيلة من ترك الصيد يوم السبت، مع إمكان ذلك فيه، وكثرة ما يرد إليهم فيه من الحيتان. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٢٧٥﴾
وقال القرطبى :
قال ابن عباس : شرِبوا على قدر يقينهم، فشرِب الكفار شرب الهِيمِ وشرِب العاصون دون ذلك، وانصرف من القوم ستة وسبعون ألفاً وبقي بعض المؤمنين لم يشرب شيئاً وأخذ بعضهم الغُرْفة، فأما من شرب فلم يَرْوَ، بل برّح به العطش، وأما من ترك الماء فحسُنَت حاله وكان أجْلَد ممن أخذ الغُرفة. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٣ صـ ٢٥٤﴾
قوله تعالى :﴿فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مّنْهُمْ﴾
قال الفخر :
أما قوله تعالى :﴿فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مّنْهُمْ﴾ ففيه مسائل :
المسألة الأولى : قرأ أبي والأعمش ﴿إِلاَّ قَلِيلٌ﴾ قال صاحب " الكشاف" : وهذا بسبب ميلهم إلى المعنى، وإعراضهم عن اللفظ، لأن قوله :﴿فَشَرِبُواْ مِنْهُ﴾ في معنى : فلم يطيعوه، لا جرم حمل عليه كأنه قيل : فلم يطيعوه إلا قليل منهم.