قوله تعالى :﴿ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ﴾
المناسبة
قال البقاعى :
ولما ذكر فتنتهم بالنهر أتبعه فتنة اللقاء ببحر الجيش وما فيه من عظيم الخطر المزلزل للقلوب حثاً على سؤال العافية وتعريفاً بعظيم رتبتها كما قال ﷺ يوم عرض نفسه الشريفة على أهل الطائف ومسه منهم من عظيم الأذى ما مسه : إن لم يكن بك عليَّ غضب فلا أبالي ولكن هي أوسع لي! فقال سبحانه وتعالى :﴿فلما جاوزه﴾ أي النهر من غير شرب، من المجاوزة مفاعلة من الجواز وهو العبور من عدوة دنيا إلى عدوة قصوى ﴿هو والذين آمنوا﴾ أي أقروا بالإيمان وجاوزوا ﴿معه﴾ وتراءت الفئتان ﴿قالوا﴾ أي معظمهم.
قال الحرالي : رد الضمير مرداً عاماً إيذاناً بكثرة الذين اغترفوا وقلة الذين لم يطعموا كما آذن ضمير شربوا بكثرة الذين شربوا منه - انتهى.
﴿لا طاقة﴾ مما منه الطوق وهو ما استقل به الفاعل ولم يعجزه ﴿لنا اليوم﴾ أي على ما نحن فيه من الحال ﴿بجالوت وجنوده﴾ لما هم فيه من القوة والكثرة.
قال الحرالي : ففيه من نحو قولهم ﴿ولم يؤت سعة من المال﴾ اعتماداً على أن النصر بعدة مال أو قوة، وليس إلا بنصر الله، ثم قال : فإذا نوظر هذا الإنباء منهم والطلب أي كما يأتي في ﴿ربنا أفرغ﴾ بما تولى الله من أمر هذه الأمة في جيشهم الممثول لهذا الجيش في سورة الأنفال من نحو قوله ﴿إذ يغشيكم النعاس أمنة منه﴾ [ الأنفال : ١١ ] - الآيات، علم عظيم فضل الله على هذه الأمة واستشعر بما يكون لها في خاتمتها مما هو أعظم نبأ وأكمل عياناً فلله الحمد على ما أعظم من فضله ولطفه - انتهى. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٤٧٨ ـ ٤٧٩﴾
قال ابن عاشور :


الصفحة التالية
Icon