﴿ الذين يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُلاَقُواْ الله ﴾ قيل : أي الخُلَّصُ منهم الذين يوقنون بلقاءِ الله تعالى بالبعث ويتوقّعون ثوابَه، وإفرادُهم بذلك الوصف لا ينافي إيمانَ الباقين فإن درجاتِ المؤمنين في التيقن والتوقع مُتفاوتةٌ أو الذين يعلمون أنهم يُستشهدون عما قريب فيلقَوْن الله تعالى، وقيل : الموصولُ عبارةٌ عن المؤمنين كافةً والضميرُ في قالوا للمنخذِلين عنهم كأنهم قالوه اعتذاراً عن التخلُّف والنهرُ بينهما. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ١ صـ ٢٤٣﴾
سؤال :
قال الفخر :
أما قوله تعالى :﴿قَالَ الذين يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُلاَقُواْ الله﴾ ففيه سؤال، وهو أنه تعالى لم جعلهم ظانين ولم يجعلهم حازمين ؟.
وجوابه : أن السبب فيه أمور
الأول : وهو قول قتادة : أن المراد من لقاء الله الموت، قال عليه الصلاة والسلام :" من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه " وهؤلاء المؤمنون لما وطنوا أنفسهم على القتل، وغلب على ظنونهم أنهم لا يتخلصون من الموت، لا جرم قيل في صفتهم : إنهم يظنون أنهم ملاقوا الله
الثاني :﴿الذين يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُلاَقُواْ الله﴾ أي ملاقوا ثواب الله بسبب هذه الطاعة، وذلك لأن أحداً لا يعلم عاقبة أمره، فلا بد أن يكون ظاناً راجياً وإن بلغ في الطاعة أبلغ الأمر، إلا من أخبر الله بعاقبة أمره، وهذا قول أبي مسلم وهو حسن.
الوجه الثالث : أن يكون المعنى : قال الذين يظنون أنهم ملاقوا طاعة الله، وذلك لأن الإنسان لا يمكنه أن يكون قاطعاً بأن هذا العمل الذي عمله طاعة، لأنه ربما أتى فيه بشيء من الرياء والسمعة، ولا يكون بنية خالصة فحيئذٍ لا يكون الفعل طاعة، إنما الممكن فيه أن يظن أنه أتى به على نعت الطاعة والإخلاص.


الصفحة التالية
Icon