جالوتَ وجنودَه، وإيرادُ خبرِ أن اسماً مع أن اللقاءَ مستقبلٌ للدَلالة على تقرره وتحققه. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ١ صـ ٢٤٣ ـ ٢٤٤﴾
فائدة جليلة
قال أبو حيان :
وفي هذه الآية دليل على جواز قتال الجمع القليل للجمع الكثير، وإن كانوا أضعاف أضعافهم، إذا علموا أن في ذلك نكاية لهم، وأما جواز الفرار من الجمع الكثير إذا زادوا عن ضعفهم فسيأتي بيانه في سورة الأنفال إن شاء الله تعالى. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٢٧٧﴾
قوله تعالى ﴿والله مَعَ الصابرين﴾
قال الفخر :
قوله :﴿والله مَعَ الصابرين﴾ فلا شبهة أن المراد المعونة والنصرة، ثم يحتمل أن يكون هذا قولاً للذين قالوا :﴿كَم مّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ﴾ ويحتمل أن يكون قولاً من الله تعالى، وإن كان الأول أظهر. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ١٥٧﴾
وقال أبو حيان :
﴿ والله مع الصابرين ﴾، تحريض على الصبر في القتال، فإن الله مع من صبر لنصرة دينه، ينصره ويعينه ويؤيده، ويحتمل أن يكون من تمام كلامهم، ويحتمل أن يكون استئنافاً من الله، قاله القفال. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٢٧٧﴾
من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
قوله جلّ ذكره :﴿ فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّى وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّى إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ﴾.
الإشارة من هذه الآية أن الله سبحانه ابتلى الخَلْق بصحبة الخلْق وبالدنيا وبالنَّفس، ومن كانت صحبته مع هذه الأشياء على حدِّ الاضطرار بمقدار القوام، وما لا بد منه نجا وسَلِمَ، ومن جاوز حد الاضطرار وانبسط في صحبته مع شيء من ذلك من الدنيا والنفس والخلْق بموجب الشهادة والاختيار - فليس من الله في شيء إنْ كان ارتكاب محظور، وليس من هذه الطريق في شيء إن كان على جهة الفضيلة وماله منه بُدٌّ.
ثم قال جلّ ذكره :﴿ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ ﴾.
كذلك الخواص في كل وقت يقل عددهم ولكن يجل قدرهم.
قوله جلّ ذكره :﴿ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لاَ طَاقَةَ لَنَا اليَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ﴾.
فنظروا إلى الحال بعين الظاهر فَدَاخَلَهم شيء من رعب البشرية، فربط الله على قلوبهم بما ذكَرهم من نصرة الحق سبحانه لأوليائه إذا شاء.
قوله جلّ ذكره :﴿ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا اللهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾.
لا بهم ولكن بإذن الله، بمشيئته وعونه ونصرته، والله مع الصابرين بالنصرة والتأييد والقوة. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ١٩٣ ـ ١٩٤﴾


الصفحة التالية
Icon