" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
[ قوله تعالى :" فَصَلَ " : أي : انْفَصَلَ، فلذلك كان قاصِراً. وقيل إِنَّ أصلَه التَّعدِّي إلى مفعولٍ ولكن حُذِفَ، والتقديرُ : فَصَلَ نفسه ثم إن هذا المفعول حذف حتى صار الفعلُ كالقاصِرِ.
و﴿ بالجنود ﴾ متعلِّقٌ بمحذوفٍ ؛ لأنه حالٌ من " طَالُوت " أي مصاحباً لهم ]. وبين جملةِ قوله :" فلمَّا فَصَلَ " وبين ما قبلَها من الجملِ جُمل محذوفةٌ يَدُلُّ عليها فحوى الكلامِ وقوتُه، تقديرُهُ : فلما أتاهم بالتَّابُوت أذعنوا له وأجابوا فَمَلَّكُوا طالوتَ، وتأهَّبوا للخروجِ، وهي كقوله :﴿ فَأَرْسِلُونِ يُوسُفُ أَيُّهَا الصديق ﴾ [ يوسف : ٤٥، ٤٦ ]. ومعنى الفصل : القَطْعُ.
يقال : فصلت اللَّحْمَ عن العَظم فَصْلاً، وفاصل الرَّجُل شريكهُ وامرأته فصالاً. ويُقالُ للفطام فِصالٌ ؛ لأَنَّه يقطعُ عن الرَّضاع وفصل عن المكان قطعه بالمجاوزة عنه، قال تعالى :﴿ وَلَمَّا فَصَلَتِ العير ﴾ [ يوسف : ٩٤ ] والجنود جمع جُنْدٍ، وكل صنف من الخلق جُنْدٌ على حدةٍ، يقال للجراد الكثيرة : إنَّها جنود اللهِ، ومنه قوله عليه الصَّلاة والسَّلام :" الأَرْوَاح جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ ".
والابتلاء الامتحان وفيه لغتان من " بَلاَ يَبْلُو " و" ابْتَلَى يَبْتَلِي " ؛ قال :[ الكامل ]
وَلَقَدْ بَلَوْتُكَ وَابْتَلَيْتُ خَلِيفَتِي... وَلَقَدْ كَفَاكَ مَوَدَّتِي بِتَأَدُّبِ
فجاء باللُّغتين، وأصلُ الياءِ في مبتليكم واوٌ لأَنَّهُ من بلا يبلُو ؛ وابتلى يَبْتَلِي، أي : اختبر، وإِنَّما قلبت لانكِسَارِ ما قبلها.


الصفحة التالية
Icon