وقال المبرِّدُ " غَرْفَةً " بالفتح مصدر يقعُ على قليل ما في يده وكثيره وبالضَّمِّ اسم ملء الكف، أو ما اغترف به، فحيثُ جعلتهما مصدراً، فالمفعولُ محذوفٌ تقديره : إِلاَّ من اغترف ماءً، وحيثُ جعلتهما بمعنى المفعول كان مفعولاً به، فلا يحتاجُ إلى تقديره مفعولٍ ونُقِلَ عن أبي علي أَنَّهُ كان يُرَجِّح قراءة الضَّمِّ ؛ لأَنَّه في قراءةِ الفتح يجعلها مصدراً، والمصدرُ لا يوافق الفعل في بنائِهِ، إِنَّما جاءَ على حذفِ الزوائد وجعلُها بمعنى المفعول لا يحوج إلى ذلك فكان أرجح.
قوله :﴿ بِيَدِهِ ﴾ يجوزُ أن يتعلَّق بـ " اغْتَرَفَ " وهو الظَّاهر. ويجوزُ أَنْ يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنه نعتٌ لـ " غُرْفَة "، وهذا على قولنا : بأن " غُرْفَة "، بمعنى المفعول أَظْهر منه على قولنا : بأنها مَصْدَرٌ، فإنَّ الظَّاهِرَ من الباء على هذا أن تكون ظرفيَّةٌ، أي : غُرفةً كائِنَةً في يده.
قوله :﴿ جَاوَزَهُ هُوَ والذين آمَنُواْ مَعَهُ ﴾ " هو " ضميرٌ مرفوعٌ منفصِلٌ مؤكِّدٌ للضّمير المستكنِّ في " جَاوَزَ ".
قوله :" والَّذِين " يحتملُ وجهين :
أظهرهما : أنه عطفٌ على الضَّمير المستكنِّ في " جَاوَزَ " لوجود الشَّرط، وهو توكيدُ المعطوفِ عليه بالضَّمير المنفصلِ.
والثاني : أَنْ تكُون الواوُ للحالِ، قالوا : ويلزَمُ من الحالِ أن يكونُوا جاوزوا معه، وهذا القائلُ يجعلُ " الَّذِينَ " مبتدأ، والخبرَ قالوا :" لاَ طَاقَةَ " ؛ فصار المعنى :" َفَمَّا جَاوَزَهُ، والحالُ أنَّ الَّذِين آمنوا قالوا هذه المقالة "، والمعنى ليس عليه.


الصفحة التالية
Icon