ويجوزُ إدغامُ هاء " جَاوَزَهُ " في هاء " هُو "، ولا يُعْتدُّ بفصلِ صلةِ الهاءِ ؛ لأنها ضعيفةٌ، وإِنْ كان بعضهم استضعف الإِدغام، قال :" إِلاَّ أَنْ تُخْتَلَسَ الهاءُ "، يعني : فلا يبقى فاصلٌ. وهي قراءة أبي عمرو، وأدغم أيضاً واوَ " هُوَ " في واو العطف بخلاف عنه، فوه الإِدغام ظاهرٌ لالتقاءِ مثلين بشروطِهما. ومَنْ أظهر وهو ابن مجاهدٍ، وأصحابُهُ قال :" لأَنَّ الواو إِذا أُدْغِمَت سَكَنَتْ، وإذا سكنت صَدَقَ عليها أنها واوٌ ساكنة قبلها ضمَّةٌ، فصارَت نظير :﴿ آمَنُواْ وَكَانُواْ ﴾ [ يونس : ٦٣ ] فكما لا يُدغم ذاك لا يدغم هذا. وهذه العِلَّةُ فاسدةٌ لوجهين :
أحدهما : أنها ما صارَتْ مثلَ " آمنوا، وكانوا " إلا بعد الإِدغام، فكيف يُقال ذلك ؟ وأيضاً فإِنَّهُم أدغموا :﴿ يَأْتِيَ يَوْمٌ ﴾ [ البقرة : ٢٥٤ ] وهو نظيرُ :﴿ فِي يَوْمٍ ﴾ [ إبراهيم : ١٨ ] و﴿ الذى يُوَسْوِسُ ﴾ [ الناس : ٤ ] بعين ما عَلَّلوا به.
وشرطُ هذا الإِدغام في هذا الحرف عند أبي عمرو ضمُّ الهاءِ، كهذه الآية، ومثله :﴿ هُوَ والملائكة ﴾ [ آل عمران : ١٨ ] ﴿ هُوَ وَجُنُودُهُ ﴾ [ القصص : ٣٩ ]، فلو سكنت الهاءُ ؛ امتنع الإِدغامُ نحو ﴿ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ ﴾ [ الأنعام : ١٢٧ ] ولو جرى فيه الخلافُ أيضاً لم يكن بعيداً، فله أُسوة بقوله :﴿ خُذِ العفو وَأْمُرْ ﴾ [ الأعراف : ١٩٩ ] بل أولى لأَنَّ سكون هذا عارضٌ بخلافِ :" الْعفوَ وأمر ".
قوله تعالى :﴿ والذين آمَنُواْ مَعَهُ ﴾.
ليس المراد منه المعيّة في الإِيمان، لأنَّ إيمانهم لم يكُن مع إِيمان طَالُوت، بل المراد : أَنَّهم جاوزا النَّهر معه لأَنَّ لفظ " مع " لا تقتضي المعيَّة لقوله تعالى :﴿ فَإِنَّ مَعَ العسر يُسْراً ﴾ [ الشرح : ٥ ] واليسر لا يكون مع العسر.


الصفحة التالية
Icon