الوجه الثاني : في الجواب أن هذه الأسباب التي سلمتم أنها بفعل الله تعالى إذا حصلت ووجدت فهل لها أثر في الترجيح الداعي أوليس لها أثر فيه وإن لم يكن لها أثر فيه لم يكن لطلبها من الله قائدة وإن كان لها أثر في الترجيح فعند صدور هذه الأسباب المرجحة من الله يحصل الرجحان، وعند حصول الرجحان يمتنع الطرف المرجوح، فيجب حصول الطرف الراجح، لأنه لا خروج عن طرفي النقيض، وهو المطلوب، والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ١٥٨ ـ ١٥٩﴾
كلام نفيس للعلامة أبى السعود فى الآية الكريمة
قال رحمه الله :
﴿ وَلَمَّا بَرَزُواْ ﴾ أي ظهر طالوتُ ومن معه من المؤمنين وصاروا إلى براز من الأرض في موطن الحرب ﴿ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ﴾ وشاهدوا ما هم عليه من العَدد والعُدد وأيقنوا أنهم غيرُ مطيقين لهم عادة ﴿ قَالُواْ ﴾ أي جميعاً عند تقوى قلوب الفريقُ الأولُ منهم بقول الفريق الثاني متضرعين إلى الله تعالى مستعينين به ﴿ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا ﴾ على مقاساة شدائِد الحربِ واقتحامِ مواردِه الصعبةِ الضيقة وفي التوسل بوصف الربوبية المُنبىء عن التبليغ إلى الكمال وإيثارِ الإفراغِ المعرب عن الكثرة وتنكيرِ الصبر المفصح عن التفخيم من الجزالة ما لا يخفى ﴿ وَثَبّتْ أَقْدَامَنَا ﴾ في مداحض القتالِ ومزالِّ النزال وثباتُ القدم عبارةٌ عن كمال القوةِ والرسوخِ عند المقارعة وعدمِ التزلزل وقت المقاومة لا مجرد التقرّر في حيز واحد ﴿ وانصرنا عَلَى القوم الكافرين ﴾ بقهرهم وهزمِهم، ووضعُ الكافرين في موضع الضمير العائد إلى جالوتَ وجنودِه للإشعار بعِلة النصرِ عليهم، ولقد راعَوْا في الدعاء ترتيباً بديعاً حيث قدموا سؤالَ إفراغِ الصبر الذي هو مِلاكُ الأمر ثم سؤالَ تثبيتِ القدم المتفرغِ عليه ثم سؤالَ النصرِ الذي هو الغاية القصوى. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ١ صـ ٢٤٤﴾
وقال أبو حيان :