فصل


قال الفخر :
قال بعضهم : ظاهر الآية يدل على أن داود حين قتل جالوت آتاه الله الملك والنبوة، وذلك لأنه تعالى ذكر إيتاء الملك والنبوة عقيب ذكره لقتل داود جالوت، وترتيب الحكم على الوصف المناسب مشعر بكون ذلك الوصف علة لذلك الحكم، وبيان المناسبة أنه عليه السلام لما قتل مثل ذلك الخصم العظيم بالمقلاع والحجر، كان ذلك معجزاً، لا سيما وقد تعلقت الأحجار معه وقالت : خذنا فإنك تقتل جالوت بنا، فظهور المعجز يدل على النبوة، وأما الملك فلأن القوم لما شاهدوا منه قهر ذلك العدو العظيم المهيب بذلك العمل القليل، فلا شك أن النفوس تميل إليه وذلك يقتضي حصول الملك له ظاهراً، وقال الأكثرون : إن حصول الملك والنبوة له تأخر عن ذلك الوقت بسبع سنين على ما قاله الضحاك، قالوا والروايات وردت بذلك، قالوا : لأن الله تعالى كان قد عين طالوت للملك فيبعد أن يعزله عن الملك حال حياته، والمشهور في أحوال بني إسرائيل كان نبي ذلك الزمان أشمويل، وملك ذلك الزمان طالوت، فلما توفي أشمويل أعطى الله تعالى النبوة لداود، ولما مات طالوت أعطى الله تعالى الملك لداود، فاجتمع الملك والنبوة فيه. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ١٦٠﴾

فصل


قال أبو حيان :
الحكمة وضع الأمور مواضعها على الصواب، وكمال ذلك إنما يحصل بالنبوّة، ولم يكن ذلك لغيره قبله، كان الملك في سبط والنبوّة في سبط، فلما مات شمويل وطالوت اجتمع لداود الملك والنبّوة.
وقال مقاتل : الحكمة الزبور، وقيل : العدل في السيرة ؟ وقيل : الحكمة العلم والعمل به.
وقال الضحاك : هي سلسلة كانت متدلية من السماء لا يمسكها ذو عاهة إلاَّ برىء، يتحاكم إليها، فمن كان محقاً تمكن منها حتى إن رجلاً كانت عنده درة لرجل، فجعلها في عكازته ودفعها إليه أن احفظها حتى أمس السلسلة، فتمكن منها لأنه ردها، فرفعت لشؤم احتياله. (١)
وإذا كانت الحكمة كان ذكر الملك قبلها.
___
(١) لا يخفى ما فى هذا القول من البعد البعيد.


الصفحة التالية
Icon