﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾.
وهذا من لطف الله بعباده أن أمرهم بتقديم شيء مما رزقهم الله، من صدقة واجبة ومستحبة، ليكون لهم ذخرا وأجرا موفرا في يوم يحتاج فيه العاملون إلى مثقال ذرة من الخير، فلا بيع فيه ولو افتدى الإنسان نفسه بملء الأرض ذهبا ليفتدي به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منه، ولم ينفعه خليل ولا صديق لا بوجاهة ولا بشفاعة، وهو اليوم الذي فيه يخسر المبطلون ويحصل الخزي على الظالمين، وهم الذين وضعوا الشيء في غير موضعه، فتركوا الواجب من حق الله وحق عباده وتعدوا الحلال إلى الحرام، وأعظم أنواع الظلم الكفر بالله الذي هو وضع العبادة التي يتعين أن تكون لله فيصرفها الكافر إلى مخلوق مثله، فلهذا قال تعالى :﴿ والكافرون هم الظالمون ﴾ وهذا من باب الحصر، أي : الذين ثبت لهم الظلم التام، كما قال تعالى :﴿ إن الشرك لظلم عظيم ﴾. أ هـ ﴿تفسير السعدى صـ ١١٠﴾
لطيفة
قال فى روح البيان :
قال الراغب : حث المؤمنين على الإنفاق مما رزقهم من النعماء النفسية والبدنية الجارحية وإن كان الظاهر فى التعارف إنفاق المال ولكن قد يراد به بذل النفس والبدن فى مجاهدة العدو والهوى وسائر العبادات
ولما كانت الدنيا دار اكتساب وابتلاء والآخرة دار ثواب وجزاء بين أن لا سبيل للإنسان إلى تحصيل ما ينتفع به فى الآخرة فابتلى بذكر هذه الثلاثة لأنها أسباب اجتلاب المنافع المفضية إليها. أحدها المعاوضة وأعظمها المبايعة. والثانى ما تناوله بالمودة وهو المسمى بالصلات والهدايا.
والثالث ما يصل إليه بمعاونة الغير وذلك هو الشفاعة.


الصفحة التالية
Icon