وقرأ ابن مسعود والأعمش ويروى عن عمر :" الحَيُّ القَيَّام "، وقرأ علقمة :" القَيِّم " وهذا كما يقولون : ديُّور، وديار، وديِّر. ولا يجوز أن يكون وزنه فعُّولاً كـ " سَفُّود " إذ لو كان كذلك ؛ لكان لفظه قوُّوماً ؛ لأنَّ العين المضاعفة أبداً من جنس الأصليَّة كسُبُّوح، وقُدُّوس، وضرَّاب، وقتَّال، فالزَّائد من جنس العين، فلمَّا جاء بالياء دون الواو ؛ علمنا أنَّ أصله فيعول، لا فعُّول، وعدَّ بعضهم فيعولاً من صيغ المبالغة كضروبٍ، وضرَّاب.
قال بعضهم : هذه اللَّفظة عبريَّة ؛ لأنَّهم يقولون " حياً قياماً "، وليس الأمر كذلك ؛ لأنا قد بيَّنا أن له وجهاً صحيحاً في اللُّغة.
قوله :﴿ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ ﴾ في هذه الجملة خمسة أوجه :
أحدها : أنها في محلِّ رفع خبراً للحيّ كما تقدَّم في أحد أوجه رفع الحيّ.
الثاني : أنَّها خبرٌ عن الله تعالى عند من يجيز تعدُّد الخبر.
الثالث : أنها في محلِّ نصبٍ على الحال من الضَّمير المستكنِّ في " القَيُّومِ " كأنَّه قيل : يقوم بأمر الخلق غير غافل، قاله أبو البقاء رحمه الله تعالى.
الرابع : أنها استئناف إخبارٍ، أخبر - تبارك وتعالى - عن ذاته القديمة بذلك.
الخامس : أنها تأكيد للقيُّوم ؛ لأن من جاز عليه ذلك استحال أن يكون قيُّوماً، قاله الزَّمخشريُّ، فعلى قوله إنَّها تأكيدٌ يجوز أن يكون محلُّها النصب على الحال المؤكَّدة، ويجوز أن تكون استئنافاً، وفيها معنى التأكيد، فتصير الأوجه أربعةً.
والسِّنة : النُّعاس، وهو ما يتقدَّم النَّوم من الفتور ؛ قال عديّ بن الرقاع :[ الكامل ]
وَسْنَانُ أَقْصَدَهُ النُّعَاسُ فَرَنَّقَتْ... في عَيْنِهِ سِنَةٌ وَلَيْسَ بِنَائِمِ