فصل فى التفسير الإشارى فى الآيات السابقة
قال الآلوسى :
ومن باب الإشارة في الآيات :﴿ تِلْكَ آيات الله ﴾ أي أسراره وأنواره ورموزه وإشاراته ﴿ نَتْلُوهَا ﴾ بلسان الوحي ﴿ عَلَيْكَ ﴾ ملابسة للحق الثابت الذي لا يعتريه تغيير ﴿ وَإِنَّكَ لَمِنَ المرسلين ﴾ [ البقرة : ٢٥٢ ] الذين عبروا هذه المقامات وصح لهم صفاء الأوقات ﴿ تِلْكَ الرسل فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ على بَعْضٍ ﴾ بمقتضى استعلاء أنوار استعداداتهم ﴿ مّنْهُمْ مَّن كَلَّمَ الله ﴾ عند تجليه على طور قلبه وفي وادي سره ﴿ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ درجات ﴾ بفنائه عن ظلمة الوجود بالكلية وبقائه في حضرة الأنوار الإلهية وبلوغه مقام قاب قوسين وظفره بكنز فأوحى إلى عبده ما أوحى من أسرارهم النشأتين حتى عاد وهو نور الأنوار والمظهر الأعظم عند ذوي الأبصار ﴿ وَلَقَدْ ءاتَيْنَا مُوسَى الكتاب وَقَفَّيْنَا ﴾ والآيات الباهرات من إحياء أموات القلوب والأخبار عما يدخر في خزائن الأسرار من الغيوب ﴿ وأيدناه بِرُوحِ القدس ﴾ الذي هو روح الأرواح المنزه عن النقائص الكونية والمقدس عن الصفات الطبيعية ﴿ وَلَوْ شَاء الله مَا اقتتل الذين ﴾ جاءوا ﴿ مّن بَعْدِهِمْ ﴾ بسيوف الهوى ونبال الضلال ﴿ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ ﴾ من أنوار الفطرة وإرشاد الرسل الآيات الواضحات ﴿ ولكن اختلفوا ﴾ حسبما اقتضاه استعدادهم الأزلي ﴿ فَمِنْهُمْ مَّنْ ءامَنَ ﴾ بما جاء به الوحي ﴿ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء الله مَا اقتتلوا ﴾ عن اختلاف بأن يتحد استعدادهم