فهو ﷺ قد اختصه الله بالتشريع أيضا، أليست هذه مزية ؟ إن المراد من المنهج السماوي هو وضع القوانين التي تحكم حركة الحياة في الخلافة في الأرض، وتلك القوانين نوعان : نوع جاء من الله، وفي هذا نجد أن كل الرسل فيه سواء، ولكن هناك نوع ثان من القوانين فوض الله فيه رسول الله ﷺ أن يضع من التشريع ليلائم ما يرى، وهذا تفضيل للرسول صلى الله عليه وسلم.
إذن حين يقول الله تعالى :" ورفع بعضهم درجات" فهذا لا ينطبق إلا على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. وهذا أكثر من التصريح بالاسم. وأضرب هنا المثل ـ ولله المثل الأعلى ـ أنت أعطيت لولدك قلما عاديا، ولولدك الثاني قلما مرتفع القيمة، ولولدك الثالث ساعة، أما الولد الرابع فاشترين له هدية غالية جدا، ثم تأتي للأولاد وتقول لهم : أنا اشتريت لفلان قلما جافا، ولفلان قلما حبر، واشتريت لفلان ساعة، وبعضهم اشتريت له هدية ثمينة. فـ" بعضهم" هذا قد عرف بأنه الابن الرابع الذي لم تذكر اسمه، فيكون قد تعين وتحدد
تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله" وحين تقول كلم الله" إياك أن تغفل عن قضية كلية تحكم كل وصف لله يوجد في البشر، فأنا أتكلم والله يتكلم، لكن أكلامه سبحانه مثل كلامي ؟ إن كنت تعتقد أن وجودي مثل وجوده فاجعل كلامي ككلامه، وإن كان وجودي ليس كوجوده فكيف يكون كلامي ككلامه ؟ ربما يقول أحد : إن الكلام صوت وأحبال صوتية وغير ذلك، نقول له : لا، أنت لا تأخذ ما يخص الله سبحانه إلا في إطار " ليس كمثله شيء" ونحن نأخذ كل وصف يرد عن الله بواسطة الله، ولا نضع وصفا من عندنا، وبعد ذلك لا نقارنه بوصف للبشر. فلله حياة ولك حياة. لكن أحياة أي منا كحياته سبحانه ؟ لا، إن حياته ذاتية، وحياة كل منا موهوبة مسلوبة، فليست مثل حياته.
وعندما يقول الحق :


الصفحة التالية
Icon