لباب التأويل، ج ٣، ص : ٤١٢
أضاء ما بين لابتيها يعني المدينة، حتى كأنه مصباح في جوف بيت مظلم فكبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تكبير فتح وكبر المسلمون معه، ثم ضربها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الثانية فبرق منها برق حتى أضاء ما بين لابتيها حتى لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم، فكبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تكبير فتح وكبر المسلمون معه ثم ضربها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فكسرها وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها حتى لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم فكبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تكبير فتح وكبر المسلمون معه وأخذ بيد سلمان ورقي فقال : بأبي أنت وأمي يا رسول اللّه لقد رأيت شيئا ما رأيت مثله قط فالتفت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى القوم وقال : أرأيتم ما يقول سلمان قالوا نعم يا رسول اللّه قال : ضربت ضربتي الأولى فبرق البرق الذي رأيتم فأضاء لي منها قصور الحيرة ومدائن كسرى كأنها أنياب الكلاب وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها، ثم ضربت ضربتي الثانية فبرق الذي رأيتم أضاء لي منها قصور قيصر من أرض الروم، كأنها أنياب الكلاب فأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها، ثم ضربت الثالثة فبرق الذي رأيتم أضاء لي منها قصور صنعاء كأنها أنياب الكلاب فأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها فأبشروا فاستبشر المسلمون وقالوا : الحمد للّه موعد صدق وعدنا النصر بعد الحصر فقال المنافقون ألا تعجبون يمنيكم ويعدكم الباطل ويخبركم أنه ينظر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى وأنها تفتح لكم وأنتم إنما تحفرون الخندق من الفرق لا تستطيعون أن تبرزوا قال : فنزل القرآن :
وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً. وأنزل اللّه : قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ الآية (ق) عن أنس قال «خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى الخندق فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة ولم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم، فلما رأى ما بهم من النصب والجوع قال «اللهم إن العيش عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة» فقالوا مجيبين له :
نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما حيينا أبدا
عن البراء بن عازب قال «رأيت النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ينقل معنا التراب وهو يقول :
واللّه لولا اللّه ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا وثبت الأقدام إن لاقينا
والمشركون قد بغوا علينا إذا أرادوا فتنة أبينا
ويرفع بها صوته. «و في رواية قد وارى التراب بياض إبطيه» رجعنا إلى حديث ابن إسحاق قال «فلما فرغ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من الخندق أقبلت قريش حتى نزلت بمجتمع الأسيال من دومة من الجرف والغابة في عشرة آلاف من أحابيشهم ومن تابعهم من بني كنانة وأهل تهامة، وأقبلت غطفان ومن تابعهم من أهل نجد حتى نزلوا بذنب نعمى إلى جانب أحد، وخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم والمسلمون معه حتى جعلوا ظهورهم إلى سلع في ثلاثة آلاف من المسلمين، فضرب هنالك عسكره والخندق بينه وبين القوم وأمر بالذراري والنساء فرفعوا إلى الآطام، وخرج عدو اللّه حييّ بن أخطب من بني النضير حتى أتى كعب بن أسد القرظي صاحب عقد بني قريظة وكان قد واعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على قومه وعاهده على ذلك، فلما سمع صوت ابن أخطب أغلق دونه حصته فاستأذن عليه فأبى أن يفتح له، فناداه حييّ يا كعب افتح لنا فقال : ويحك يا حييّ إنك امرؤ مشؤوم إني قد عاهدت محمدا فلست بناقض ما بيني وبينه ولم أر منه إلا وفاء وصدقا فقال : ويحك افتح أكلمك قال : ما أنا بفاعل. قال : واللّه إن أغلقت دوني إلا خوفا أن آكل معك فأحفظ الرجل ففتح له فقال ويحك يا كعب جئتك بعز الدهر وبحر طام جئتك بقريش على قادتها وسادتها حتى أنزلتهم بمجتمع الأسيال من دومة وبغطفان على قادتها وسادتها حتى أنزلتهم بذنب نعمى إلى جانب أحد قد عاهدوني وعاقدوني أن لا يبرحوا حتى يستأصلوا محمدا ومن معه. فقال : له كعب جئتني واللّه بذلّ الدهر وبجام قد يهرق ماؤه ويرعد ويبرق ليس فيه شيء دعني ومحمدا وما أنا عليه فإني لم أر من محمد إلا صدقا ووفاء. فلم يزل حييّ بن أخطب بكعب يفتله في الذروة والغارب حتى سمح له على أن أعطاه