لباب التأويل، ج ٤، ص : ٢٨٥
وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ إنما هو شرط شرطه اللّه على النساء أخرجه البخاري (ق) عن أم عطية قالت «بايعنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقرأ علينا أن لا يشركن باللّه شيئا ونهانا عن النياحة فقبضت امرأة منا يدها فقالت فلانة أسعدتني فأنا أريد أن أجزيها فما قال لها النبي صلّى اللّه عليه وسلّم شيئا فانطلقت ثم رجعت فبايعها»، (ق) عن ابن مسعود رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال «ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية» عن أسيد بن أسيد عن امرأة من المبايعات قالت «كان فيما أخذ علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من المعروف الذي أخذ علينا أن لا نعصيه فيه أن لا نخمش وجها ولا ندعو ويلا ولا نشق جيبا ولا ننشر شعرا» أخرجه أبو داود عن أنس رضي اللّه عنه «إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أخذ على النساء حين بايعهن أن لا ينحن فقلن يا رسول اللّه نساء أسعدننا في الجاهلية فنسعدهن فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لا إسعاد في الإسلام» أخرجه النسائي، (م) عن أبي مالك الأشعري رضي اللّه عنه قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم
«النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقوم يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب» وعن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه قال «لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم النائحة والمستمعة» أخرجه أبو داود، وقوله تعالى : فَبايِعْهُنَّ يعني إذا بايعنك على هذه الشروط فبايعهن وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ عن أميمة بنت رقية قالت «بايعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في نسوة فقال لنا فيما استطعتن وأطقتن قلنا اللّه ورسوله أرحم بنا منا بأنفسنا قلت يا رسول اللّه بايعنا قال سفيان يعني صافحنا فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة» أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
[سورة الممتحنة (٦٠) : آية ١٣]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ (١٣)
قوله تعالى : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ يعني من اليهود وذلك أن ناسا من فقراء المسلمين كانوا يخبرون اليهود بأخبار المسلمين يتوصلون إليهم بذلك فيصيبون من ثمارهم فنهاهم اللّه عن ذلك» قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ يعني اليهود وذلك أنهم عرفوا محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم وأنه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فكذبوا به فيئسوا من أن يكون لهم ثواب أو خير في الآخرة كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ يعني كما يئس الذين ماتوا على الكفر وصاروا في القبور من أن يكون لهم ثواب في الآخرة وذلك أن الكفار إذا دخلوا قبورهم أيسوا من رحمة اللّه تعالى وقيل معناه كما يئس الكفار من أصحاب القبور أن يرجعوا إليهم والمعنى : أن اليهود الذين عاينوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ولم يؤمنوا به قد يئسوا من ثواب الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور أن يرجعوا إليهم، واللّه سبحانه وتعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon