لباب التأويل، ج ٤، ص : ٤٩٨
في جميع الحوائج المرغوب إليه في الرغائب المستعان به عند المصائب، وتفريج الكرب وقيل هو الكامل في جميع صفاته وأفعاله وتلك دالة على أنه المتناهي في السودد والشرف، والعلو والعظمة، والكمال والكرم والإحسان، وقيل الصمد الدائم الباقي بعد فناء خلقه، وقيل الصمد الذي ليس فوقه أحد، وهو قول علي، وقيل هو الذي لا تعتريه الآفات ولا تغيره الأوقات وقيل هو الذي لا عيب فيه وقيل الصمد هو الأول الذي ليس له زوال والآخر الذي ليس لملكه انتقال. والأولى أن يحمل لفظ الصمد على كل ما قيل فيه لأنه محتمل له، فعلى هذا يقتضي أن لا يكون في الوجود صمد سوى اللّه تعالى العظيم القادر على كل شيء وأنه اسم خاص باللّه تعالى انفرد به له الأسماء الحسنى والصّفات العليا لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ.
قوله عز وجل : لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وذلك أن مشركي العرب قالوا الملائكة بنات اللّه، وقالت اليهود عزير ابن اللّه، وقالت النّصارى المسيح ابن اللّه فكذبهم اللّه عز وجل، ونفى عن نفسه ما قالوا بقوله لَمْ يَلِدْ يعني كما ولد عيسى، وعزير، وَلَمْ يُولَدْ معناه أن من ولد كان له والد فنفى عنه إحاطة النسب من جميع الجهات، فهو الأول الذي لم يتقدمه، والد كان عنه وهو الآخر الذي لم يتأخر عنه ولد يكون عنه، ومن كان كذلك فهو الذي لم يكن له كفوا أحد، أي ليس له من خلقه مثل، ولا نظير ولا شبيه فنفى عنه. بقوله وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ العديل والنّظير، والصّاحبة والولد (خ) عن أبي هريرة أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال :«قال اللّه عز وجل : كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك وشتمني، ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إيّاي فقوله لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون عليّ من إعادته، وأما شتمه إياي فقوله اتخذ اللّه ولدا وأنا الأحد الصمد الذي لم يلد، ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد» واللّه سبحانه وتعالى أعلم.