لباب التأويل، ج ٤، ص : ٤٩٩
سورة الفلق
مدنية وقيل مكية والأول أصح وهي خمس آيات وثلاث وعشرون كلمة وأربعة وسبعون حرفا.
(م) عن عقبة بن عامر أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال «أ لم تر آيات أنزلت هذه اللّيلة لم ير مثلهن قط، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ فيه بيان عظيم فضل هاتين السورتين، وفيه دليل واضح على كونهما من القرآن، وفيه رد على من نسب إلى ابن مسعود خلاف هذا، وفيه بيان أن لفظة قل من القرآن أيضا وأنه من أول السورتين بعد البسملة، وقد اجتمعت الأمة على هذا كله بعد خلاف ذكر فيه (خ) عن زر بن حبيش قال :«سألت أبي بن كعب عن المعوذتين قلت يا أبا الوليد إن أخاك ابن مسعود يقول كذا وكذا، فقال سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال : قيل لي فقلت فنحن نقول كما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم»، وفي رواية مثلها ولم يذكر ابن مسعود عن عبد اللّه بن حبيب قال «أصابنا طش وظلمة فانتظرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يصلي بنا فخرج فقال قلت ما أقول قال قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ، والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح تكفيك كل شي ء» وفي رواية «قال : كنت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بطريق مكة فأصبت خلوة من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فدنوت منه فقال قل قلت ما أقول قال قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، حتى تختمها ثم قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، حتى تختمها ثم قال : ما تعوذ بالنّاس بأفضل منهما» أخرجه النسائي عن جابر بمثله، ومعنى الطّش الطشيش المطر الضّعيف، وهو قول أبي الدّرداء.
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
[سورة الفلق (١١٣) : الآيات ١ الى ٥]بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١) مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ (٢) وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ (٣) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ (٤)وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ (٥)
قوله عز وجل : قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ قال ابن عباس وعائشة :«كان غلام من اليهود يخدم النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فدبت إليه اليهود، فلم يزالوا به حتى أخذ من مشاطة رأس رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وعدة من أسنان مشطه، فأعطاها اليهود، فسحروه فيها، وتولى ذلك لبيد بن الأعصم رجل من اليهود فنزلت السورتان فيه». (ق) عن عائشة «أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم سحر حتى كان يخيل إليه أن يصنع الشيء ولم يصنعه» وفي رواية «أنه يخيل إليه فعل الشيء، وما فعله حتى إذا كان يوم، وهو عندي دعا اللّه، ودعاه ثم قال أشعرت يا عائشة أن اللّه قد أفتاني فيما استفتيته فيه قلت :
وما ذاك يا رسول اللّه قد جاءني رجلان، فجلس أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجلي، ثم قال أحدهما لصاحبه ما وجع الرجل قال مطبوب، قال ومن طبه قال لبيد بن الأعصم اليهودي من بني زريق قال : فيما ذا قال في مشط ومشاطة، وجف طلعة ذكر قال فأين هو قال في بئر ذروان، ومن الرواة من قال في بئر بني زريق فذهب النبي صلّى اللّه عليه وسلّم في أناس من أصحابه إلى البئر فنظر إليها وعليها نخل ثم رجع إلى عائشة فقال واللّه لكأن ماءها نقاعة الحناء، ولكأن نخلها رؤوس الشياطين قلت يا رسول اللّه فأخرجه. قال أما أنا فقد عافاني اللّه وشفاني، وخفت أن أثير