البحر المحيط، ج ١، ص : ١٤٦
وفي إطلاقه على المعدوم بطريق الحقيقة خلاف، ومن أطلق ذلك عليه فهو أنكر النكرات، إذ يطلق على الجسم والعرض والقديم والمعدوم والمستحيل. القدرة : القوة على الشيء والاستطاعة له، والفعل قدر ومصادره كثيرة : قدر، قدرة، وبتثليث القاف، ومقدرة، وبتثليث الدال : وقدر، أو قدر، أو قدر، أو قدار، أو قدار، أو قدرانا، ومقدرا، ومقدرا.
الجملة من قوله : يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ لا موضع لها من الإعراب إذ هي مستأنفة جواب قائل قال : فكيف حالهم مع ذلك البرق؟ فقيل : يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ، ويحتمل أن تكون في موضع جر صفة لذوي المحذوفة التقدير كائد البرق يخطف أبصارهم، والألف واللام في البرق للعهد، إذ جرى ذكره نكرة في قوله : فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ، فصار نظير : لقيت رجلا فضربت الرجل، وقوله تعالى : أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولًا فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ «١». وقرأ مجاهد، وعلي بن الحسين، ويحيى بن زيد : يخطف بسكون الخاء وكسر الطاء، قال ابن مجاهد : وأظنه غلطا واستدل على ذلك بأن أحدا لم يقرأ بالفتح إلا من خطف الخطفة. وقال الزمخشري : الفتح، يعني في المضارع أفصح، انتهى. والكسر في طاء الماضي لغة قريش، وهي أفصح، وبعض العرب يقول : خطف بفتح الطاء، يخطف بالكسر. قال ابن عطية، ونسب المهدوي هذه القراءة إلى الحسن وأبي رجاء، وذلك وهم. وقرأ علي، وابن مسعود : يختطف. وقرأ أبي :
يتخطف. وقرأ الحسن أيضا : يخطف، بفتح الياء والخاء والطاء المشددة. وقرأ الحسن أيضا، والجحدري، وابن أبي إسحاق : يخطف، بفتح الياء والخاء وتشديد الطاء المكسورة، وأصله يختطف. وقرأ الحسن أيضا، وأبو رجاء، وعاصم الجحدري، وقتادة :
يخطف، بفتح الياء وكسر الخاء والطاء المشددة. وقرأ أيضا الحسن، والأعمش : يخطف، بكسر الثلاثة وتشديد الطاء. وقرأ زيد بن علي : يخطف، بضم الياء وفتح الخاء وكسر الطاء المشددة من خطف، وهو تكثير مبالغة لا تعدية. وقرأ بعض أهل المدينة : يخطف، بفتح الياء وسكون الخاء وتشديد الطاء المكسورة، والتحقيق أنه اختلاس لفتحة الخاء لا إسكان، لأنه يؤدّي إلى التقاء الساكنين على غير حد التقائهما.
فهذا الحرف قرىء عشر قراءات : السبعة يخطف، والشواذ : يخطف يختطف يتخطف يخطف وأصله يتخطف، فحذف التاء مع الياء شذوذا، كما حذفها مع التاء قياسا. يخطف

_
(١) سورة المزمل : ٧٣/ ١٥ - ١٦.


الصفحة التالية
Icon