البحر المحيط، ج ١، ص : ١٤٧
يخطف يخطف يخطف، والأربع الأخر أصلها يختطف فعرض إدغام التاء في الطاء فسكنت التاء للإدغام فلزم تحريك ما قبلها، فإما بحركة التاء، وهي الفتح مبينة أو مختلسة، أو بحركة التقاء الساكنين، وهي الكسر. وكسر الياء اتباع لكسرة الخاء، وهذه مسألة إدغام اختصم به، وهي مسألة تصريفية يختلف فيها اسم الفاعل واسم المفعول والمصدر، وتبيين ذلك في علم التصريف. ومن فسر البرق بالزجر والوعيد قال : يكاد ذلك يصيبهم. ومن مثله بحجج القرآن وبراهينه الساطعة قال : المعنى يكاد ذلك يبهرهم.
وكل : منصوب على الظرف وسرت إليه الظرفية من إضافته لما المصدرية الظرفية لأنك إذا قلت : ما صحبتني أكرمتك، فالمعنى مدّة صحبتك لي أكرمك، وغالب ما توصل به ما هذه بالفعل الماضي، وما الظرفية يراد بها العموم، فإذا قلت : أصحبك ما ذر للّه شارق، فإنما تريد العموم. فكل هذه أكدت العموم الذي أفادته ما الظرفية، ولا يراد في لسان العرب مطلق الفعل الواقع صلة لما، فيكتفى فيه بمرة واحدة، ولدلالتها على عموم الزمان جزم بها بعض العرب. والتكرار الذي يذكره أهل أصول الفقه والفقهاء في كلما، إنما ذلك فيها من العموم، لا إن لفظ كلما وضع للتكرار، كما يدل عليه كلامهم، وإنما جاءت كل توكيدا للعموم المستفاد من ما الظرفية، فإذا قلت : كلما جئتني أكرمتك، فالمعنى أكرمك في كل فرد فرد من جيئاتك إلي. وما أضاء : في موضع خفض بالإضافة، إذ التقدير كل إضاءة، وهو على حذف مضاف أيضا، معناه : كلّ وقت إضاءة، فقام المصدر مقام الظرف، كما قالوا : جئتك خفوق النجم. والعامل في كلما قوله : مشوا فيه، وأضاء عند المبرد هنا متعد التقدير، كلما أضاء لهم البرق الطريق. فيحتمل على هذا أن يكون الضمير في فيه عائدا على المفعول المحذوف، ويحتمل أن يعود على البرق، أي مشوا في نوره ومطرح لمعانه، ويتعين عوده على البرق فيمن جعل أضاء لازما، أي : كلما لمع البرق مشوا في نوره، ويؤيد هذا قراءة ابن أبي عبلة : كلما ضاء ثلاثيا، وقد تقدّم أنها لغة. وفي مصحف أبيّ : مرّوا فيه، وفي مصحف ابن مسعود : مضوا فيه. وهذه الجملة استئناف ثالث كأنه قيل : فأضاء لهم في حالتي وميض البرق وخفائه، قيل : كلما أضاء لهم إلى آخره.
وقرأ يزيد بن قطيب والضحاك : وإذا أظلم مبنيا للمفعول، وأصل أظلم أن لا يتعدّى، يقال : أظلم الليل. وظاهر كلام الزمخشري أن أظلم يكون متعديا بنفسه لمفعول، فلذلك جاز أن يبنى لما لم يسم فاعله. قال الزمخشري : أظلم على ما لم يسم فاعله، وجاء في شعر حبيب بن أوس الطائي :