البحر المحيط، ج ١، ص : ٢٣٥
أبي الربيع في (كتاب التلخيص) من تأليفه : الظاهر من مذهب سيبويه أن النقل بالتضعيف سماع في المتعدي واللازم، وفيما علمه أقوال : أسماء جميع المخلوقات، قاله ابن عباس وابن جبير ومجاهد وقتادة، أو اسم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، وعزى إلى ابن عباس، وهو قريب من الأول، أو جميع اللغات، ثم كلم كل واحد من بنيه بلغة فتفرقوا في البلاد، واختص كل فرقة بلغة أو كلمة واحدة تفرع منها جميع اللغات، أو أسماء النجوم فقط، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة، أو أسماء الملائكة فقط، قاله الربيع بن خيثم، أو أسماء ذريته، قاله الربيع بن زيد، أو أسماء ذريته والملائكة، قاله الطبري واختاره أو أسماء الأجناس التي خلقها، علما أن هذا اسمه فرس، وهذا اسمه بعير، وهذا اسمه كذا، وهذا اسمه كذا، وعلمه أحوالها وما يتعلق بها من المنافع الدينية والدنيوية، واختاره الزمخشري، أو أسماء ما خلق في الأرض، قاله ابن قتيبة، أو الأسماء بلغة ثم وقع الاصطلاح من ذريته في سواها، أو علمه كل شيء حتى نحو سيبويه، قاله أبو علي الفارسي، أو أسماء اللّه عز وجل، قاله الحكيم الترمذي، أو أسماء من أسمائه المخزونة، فعلم بها جميع الأسماء، قاله الجريري، أو التسميات. ومعنى هذا علمه أن يسمي الأشياء، وليس المعنى علمه الأسماء، لأن التسمية غير الاسم، قاله الجمهور، وحالة تعليمه تعالى آدم، هل عرض عليه المسميات أو وصفها له ولم يعرضها عليه قولان : قال بعض من عاصرناه : المختار أسماء ذريته، وعرفه العاصي والمطيع ليعرف الملائكة بأسمائهم وأفعالهم ردا عليهم قولهم :
أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها، الأسماء كلها يحتمل أسماء المسميات، فحذف المضاف إليه لدلالة الأسماء عليه. قال الزمخشري : وعوض منه اللام كقوله : وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً «١»، انتهى.
وقد تقدم لنا أن اللام عوض من الإضافة ليس مذهب البصريين، ويحتمل أن يكون التقدير مسميات الأسماء، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، ويترجح الأول، وهو تعليق التعليم بالأسماء تعلق الأنباء به في قوله : أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ، والآية التي بعدها، ولم يقل : أنبئوني بهؤلاء، ولا أنبئهم بهم. ويترجح الثاني بقوله، ثم عرضهم إذا حمل على ظاهره، لأن الأسماء لا تجمع كذلك، فدل على عوده على المسميات نحو قوله تعالى : أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ «٢»، التقدير : أو كذي ظلمات، فعاد الضمير من يغشاه على ذي المحذوفة، القائم مقامها في الإعراب ظلمات. والذي يدل عليه ظاهر
(١) سورة مريم : ١٩/ ٤.
(٢) سورة النور : ٢٤/ ٤٠. [.....]