البحر المحيط، ج ١، ص : ٣٦٧
يعتبرون، فكانت تطيعه فلم يعتبروا.
وقال وهب : كان يقرع لهم أقرب حجر فينفجر، فعلى هذا تكون الألف واللام في الحجر للجنس. وقيل : إن الألف واللام للعهد، وهو حجر معين حمله معه من الطور مربع له أربعة أوجه، ينبع من كل وجه ثلاثة أعين، لكل سبط عين تسبل في جدول إلى السبط الذي أمرت أن تسقيهم، وكانوا ستمائة ألف خارجا عن دوابهم، وسعة العسكر اثنا عشر ميلا. وقيل : حجر أهبطه معه آدم من الجنة، فتوارثوه حتى وقع لشعيب، فدفعه إلى موسى مع العصا. وقيل : هو الحجر الذي وضع موسى عليه ثوبه حين اغتسل، إذ رموه بالأدرة، ففز، قال له جبريل عليه السلام : بأمر اللّه ارفع هذا الحجر، فإن لي فيه قدرة ولك فيه معجزة، فحمله في مخلاة، قاله ابن عباس. وقيل : حجر أخذه من قعر البحر خفيف مربع مثل رأس الرجل، له أربعة أوجه، ينبع من كل وجه ثلاث أعين، لكل سبط عين تسيل في جدول إليه، وكان يضعه في مخلاته، فإذا احتاجوا إلى الماء وضعه وضربه بعصاه. وقيل : كان رخاما فيه اثنتا عشرة حفرة، تنبع من كل حفرة عين ماء عذب يأخذونه، فإذا فرغوا ضربه موسى بعصاه فذهب الماء. وقيل : حجر أخذه من جبل زبيد، طوله أربعة أذرع، قاله الضحاك. وقيل : حجر مثل رأس الشاة، يلقونه في جانب الجوالق إذا ارتحلوا، فيه من كل ناحية ثلاث عيون بعد أن يستمسك ماؤها بعد رحلتهم، فإذا نزلوا قرعه موسى بعصاه فعادت العيون بحسبها، قاله ابن زيد. وقيل حجر يحمله في مخلاته، أخذه، إذ قالوا : كيف بنا إذا أفضنا إلى أرض ليست فيها حجارة؟ فحيثما أنزلوا لقاه فينفجر ماء. وقيل : حجر من الكذان فيه اثنتا عشرة عينا، يسقي كل يوم ستمائة ألف، قاله أبو روق، وقيل : حجر ذراع في ذراع، قاله السدّي. وقيل : حجر مثل رأس الثور. وقيل :
حجر كان ينفجر لهم منه الماء، لم يكونوا يحملونه، بل كانوا أي مكان نزلوا وجدوه فيه، وذلك أعظم في الإعجاز وأبلغ في الخارق، وقال مقاتل والكلبي : كانوا إذا قضوا حاجتهم من الماء اندرست تلك العيون، فإذا احتاجوا إلى الماء انفجرت.
فهذه أقوال المفسرين في الحجر، وظاهرها أو ظاهر أكثرها التعارض. قال بعض من جمع في تفسير القرآن : الأليق أنه الحجر الذي فرّ بثوب موسى عليه السلام، فإن اللّه أودع فيه حركة التنقل والسعي، أو وكل به ملكا يحمله ولا يستنكر ذلك. فقد صح
أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال :«إني لأعرف حجرا كان يسلم عليّ».
وقد رام هذا الرجل الجمع بين هذه الأقوال بأن يكون الحجر غير معين، بل أيّ حجر وجده ضربه، فوجد مرّة مربعا، ومرّة كذانا، ومرة رخاما، وكذا باقيها. قال : فروى الراوي صفة ذلك الحجر الذي ضربه في تلك


الصفحة التالية
Icon