البحر المحيط، ج ١، ص : ٥٣٢
كفروا، أو على يعلمان المنفية لكونها موجبة في المعنى. فتلك أقوال ستة، أقربها إلى اللفظ هذا القول الأخير.
مِنْهُما : الضمير في الظاهر عائد على الملكين، أي فيتعلمون من الملكين، سواء قرىء بفتح اللام، أو كسرها. وقيل : يعود على السحر، وعلى الذي أنزل على الملكين، سواء قرىء بفتح اللام، أو كسرها. وقيل : يعود على السحر، وعلى الذي أنزل على الملكين. وقيل : عائد على الفتنة والكفر، الذي هو مصدر مفهوم من قوله : فَلا تَكْفُرْ، وهذا قول أبي مسلم، والتقدير عنده : فيتعلمون من الفتنة والكفر مقدار ما يفرقون به بين المرء وزوجه. ما يُفَرِّقُونَ بِهِ : ما موصولة، وجوّز أن تكون نكرة موصوفة، ولا يجوز أن تكون مصدرية، لأجل عود الضمير عليها. والمصدرية لا يعود عليها ضمير، لأنها حرف في قول الجمهور، والذي يفرق به هو السحر. وعني بالتفريق : تفريق الألفة والمحبة، بحيث تقع الشحناء والبغضاء فيفترقان، أو تفريق الدين، بحيث إذا تعلم فقد كفر وصار مرتدا، فيكون ذلك مفرقا بينهما.
بَيْنَ الْمَرْءِ : قراءة الجمهور بفتح الميم وسكون الراء والهمز. وقرأ الحسن والزهري وقتادة : المر بغير همز مخففا. وقرأ ابن أبي إسحاق : المرء بضم الميم والهمزة.
وقرأ الأشهب العقيلي : المرء بكسر الميم والهمز، ورويت عن الحسن. وقرأ الزهري أيضا : المر بفتح الميم وإسقاط الهمز وتشديد الراء. فأمّا فتح الميم وكسرها وضمها فلغات، وأما المر بكسر الراء فوجهه أنه نقل حركة الهمزة إلى الراء، وحذف الهمزة، وأما تشديدها بعد الحذف، فوجهه أنه نوى الوقف فشدد، كما روي عن عاصم : مستطرّ بتشديد الراء في الوقف، ثم أجرى الوصل مجرى الوقف، فأقرها على تشديدها فيه. وَزَوْجِهِ : ظاهره أنه يريد به امرأة الرجل. وقيل الزوج هنا : الأقارب والإخوان، وهم الصنف الملائم للإنسان، ومنه مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ «١»، احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ «٢».
وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ : الضمير الذي هو : هم عائد على السحرة الذين عاد عليهم ضمير فيتعلمون. وقيل : على اليهود الذين عاد عليهم ضمير واتبعوا. وقيل : على الشياطين. وبضارين : في موضع نصب على أن ما حجازية، أو في موضع رفع على أن ما تميمية. والضمير في به عائد على ما في قوله : ما يُفَرِّقُونَ. وقرأ الجمهور : بإثبات النون
(١) سورة الحج : ٢٢/ ٥. [.....]
(٢) سورة الصافات : ٣٧/ ٢٢.