البحر المحيط، ج ١، ص : ٥٤
النوع الأول : حسن الافتتاح وبراعة المطلع، فإن كان أولها بسم اللّه الرحمن الرحيم، على قول من عدها منها، فناهيك بذلك حسنا إذ كان مطلعها، مفتتحا باسم اللّه، وإن كان أولها الحمد للّه، فحمد اللّه والثناء عليه بما هو أهله، ووصفه بماله من الصفات العلية أحسن ما افتتح به الكلام، وقدم بين يدي النثر والنظام، وقد تكرر الافتتاح بالحمد في كثير من السور، والمطالع تنقسم إلى حسن وقبيح، والحسن إلى ظاهر وخفي على ما قسم في علم البديع. النوع الثاني : المبالغة في الثناء، وذلك لعموم أل في الحمد على التفسير الذي مر. النوع الثالث : تلوين الخطاب على قول بعضهم، فإنه ذكر أن الحمد للّه صيغته صيغة الخبر، ومعناه الأمر، كقوله : لا رَيْبَ فِيهِ «١»
ومعناه النهي. النوع الرابع : الاختصاص باللام التي في للّه، إذ دلت على أن جميع المحامد مختصة به، إذ هو مستحق لها وبالإضافة في ملك يوم الدين لزوال الأملاك والممالك عن سواه في ذلك اليوم، وتفرده فيه بالملك والملك، قال تعالى : لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ «٢»
، ولأنه لا مجازى في ذلك اليوم على الأعمال سواه. النوع الخامس : الحذف، وهو على قراءة من نصب الحمد ظاهر، وتقدم، هل يقدر من لفظ الحمد أو من غير لفظه؟ قال بعضهم؟ ومنه حذف العامل الذي هو في الحقيقة خبر عن الحمد، وهو الذي يقدر بكائن أو مستقر، قال : ومنه حذف صراط من قوله غير المغضوب، التقدير غير صراط المغضوب عليهم، وغير صراط الضالين، وحذف سورة إن قدرنا العامل في الحمد إذا نصبناه، اذكروا أو اقرأوا، فتقديره اقرأوا سورة الحمد، وأما من قيد الرحمن، والرحيم، ونعبد، ونستعين، وأنعمت، والمغضوب عليهم، والضالين، فيكون عنده في سورة محذوفات كثيرة. النوع السادس :
التقديم والتأخير، وهو في قوله نعبد، ونستعين، والمغضوب عليهم، والضالين، وتقدم الكلام على ذلك. النوع السابع : التفسير، ويسمى التصريح بعد الإبهام، وذلك في بدل صراط الذين من الصراط المستقيم. النوع الثامن : الالتفات، وهو في إياك نعبد وإياك نستعين، اهدنا. النوع التاسع : طلب الشيء، وليس المراد حصوله بل دوامه، وذلك في اهدنا. النوع العاشر : سرد الصفات لبيان خصوصية في الموصوف أو مدح أو ذم. النوع الحادي عشر : التسجيع، وفي هذه السورة من التسجيع المتوازي، وهو اتفاق الكلمتين الأخيرتين في الوزن والروي، قوله تعالى : الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ... اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ، وقوله تعالى : نَسْتَعِينُ وَلَا الضَّالِّينَ، انقضى كلامنا على تفسير الفاتحة.
(١) سورة البقرة : ٢/ ٢.
(٢) سورة غافر : ٤٠/ ١٦.