البحر المحيط، ج ١، ص : ٦٠٠
المفضل : ابراهام بألفين، إلا في المودة والأعلى. وقرأ ابن الزبير : ابراهام، وقرأ أبو بكرة :
إبراهم بألف وحذف الياء وكسر الهاء. وقرأ الجمهور : بنصب إبراهيم ورفع ربه. وقرأ ابن عباس، وأبو الشعثاء، وأبو حنيفة : برفع إبراهيم ونصب ربه. فقراءة الجمهور على أن الفاعل هو الرب، وتقدم معنى ابتلائه إياه. قال ابن عطية : وقدم المفعول للاهتمام بمن وقع الابتلاء، إذ معلوم أن اللّه تعالى هو المبتلي. وإيصال ضمير المفعول بالفاعل موجب لتقديم المفعول. انتهى كلامه، وفيه بعض تلخيص. وكونه مما يجب فيه تقديم الفاعل هو قول الجمهور. وقد جاء في كلام العرب مثل : ضرب غلامه زيدا، وقال : وقاس عليه بعض النحويين وتأول بعضه الجمهور، أو حمله على الشذوذ. وقد طول الزمخشري في هذه المسألة بما يوقف عليه من كلامه في الكشاف، وليست من المسائل التي يطوّل فيها لشهرتها في العربية. وقرأ ابن عباس : معناها أنه دعا ربه بكلمات من الدعاء يتطلب فيها الإجابة، فأطلق على ذلك ابتلاء على سبيل المجاز لأن في الدعاء طلب استكشاف لما تجري به المقادير على الإنسان.
والكلمات لم تبين في القرآن ما هي، ولا في الحديث الصحيح، وللمفسرين فيها أقوال : الأول : روى طاوس، عن ابن عباس أنها العشرة التي من الفطرة : المضمضة، والاستنشاق، وقص الشارب، وإعفاء اللحية، والفرق، ونتف الإبط، وتقليم الأظفار، وحلق العانة، والاستطابة، والختان، وهذا قول قتادة. الثاني : عشر وهي : حلق العانة، ونتف الإبط، وتقليم الأظفار، وقص الشارب، وغسل يوم الجمعة، والطواف بالبيت، والسعي، ورمي الجمار، والإفاضة. وروي هذا عن ابن عباس أيضا. الثالث : ثلاثون سهما في الإسلام، لم يتم ذلك أحد إلا إبراهيم، وهي عشر في براءة التَّائِبُونَ «١» الآية، وعشر في الأحزاب إِنَّ الْمُسْلِمِينَ «٢» الآية، وعشر في قَدْ أَفْلَحَ وفي المعارج. وروي هذا عن ابن عباس أيضا. الرابع : هي الخصال الست التي امتحن بها الكوكب، والقمر، والشمس، والنار، والهجرة، والختان. وقيل : بدل الهجرة الذبح لولده، قاله الحسن.
الخامس : مناسك الحج، رواه قتادة، عن ابن عباس. السادس : كل مسألة سألها إبراهيم في القرآن مثل : رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً «٣»، قاله مقاتل. السابع : هي قول : سبحان اللّه، والحمد للّه، ولا إله إلا اللّه، واللّه أكبر، ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم.
(١) سورة التوبة : ٩/ ١١٢.
(٢) سورة الأحزاب : ٣٣/ ٣٥. [.....]
(٣) سورة البقرة : ٢/ ١٢٦.