البحر المحيط، ج ١٠، ص : ١١١
عبد اللّه : كونوا في أول صف في القتال. وقال أنس : اشهدوا تكبيرة الإحرام مع الإمام.
وقال علي : كن أول داخل في المسجد وآخر خارج.
واستدل بهذا السبق على أن أول أوقات الصلوات أفضل، وجاء لفظ سابقوا كأنهم في مضمار يجرون إلى غاية مسابقين إليهم. عَرْضُها : أي مساحتها في السعة، كما قال : فذو دعاء عريض، أو العرض خلاف الطول. فإذا وصف العرض بالبسطة، عرف أن الطول أبسط وأمد. أُعِدَّتْ : يدل على أنها مخلوقة، وتكرر ذلك في القرآن يقوي ذلك، والسنة ناصة على ذلك، وذلك يرد على المعتزلة في قولهم : إنها الآن غير مخلوقة وستخلق. ذلِكَ : أي الموعود من المغفرة والجنة، فَضْلُ اللَّهِ : عطاؤه، يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ : وهم المؤمنون.
ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ : أي مصيبة، وذكر فعلها، وهو جائز التذكير والتأنيث، ومن التأنيث ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها «١». ولفظ مصيبة يدل على الشر، لأن عرفها ذلك. قال ابن عباس ما معناه : أنه أراد عرف المصيبة، وهو استعمالها في الشر، وخصصها بالذكر لأنها أهم على البشر. والمصيبة في الأرض مثل القحط والزلزلة وعاهة الزرع، وفي الأنفس : الأسقام والموت. وقيل : المراد بالمصيبة الحوادث كلها من خير وشر، إِلَّا فِي كِتابٍ : هو اللوح المحفوظ، أي مكتوبة فيه، مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها : أي نخلقها. برأ :
خلق، والضمير في نبرأها الظاهر أنه يعود على المصيبة، لأنها هي المحدث عنها، وذكر الأرض والأنفس هو على سبيل محل المصيبة. وقيل : يعود على الأرض. وقيل : على الأنفس، قاله ابن عباس وقتادة وجماعة. وذكر المهدوي جواز عود الضمير على جميع ما ذكر. قال ابن عطية : وهي كلها معارف صحاح، لأن الكتاب السابق أزليّ قبل هذه كلها. انتهى. إِنَّ ذلِكَ : أي يحصل كل ما ذكر في كتاب وتقديره، عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ :
أي سهل، وإن كان عسيرا على العباد.
ثم بين تعالى الحكمة في إعلامنا بذلك الذي فعله من تقدير ذلك، وسبق قضائه به فقال : لِكَيْلا تَأْسَوْا : أي تحزنوا، عَلى ما فاتَكُمْ، لأن العبد إن أعلم ذلك سلم، وعلم أن ما فاته لم يكن ليصيبه، وما أصابه لم يكن ليخطئه، فلذلك لا يحزن على فائت، لأنه ليس بصدد أن يفوته، فهون عليه أمر حوادث الدنيا بذلك، إذ قد وطن نفسه على هذه العقيدة. ويظهر أن المراد بقوله : لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ : أن يلحق الحزن الشديد على ما فات من الخير، فيحدث عنه التسخط وعدم الرضا بالمقدور.