البحر المحيط، ج ١٠، ص : ١٢٦
الجمل، وقرأ الحسن أيضا ومجاهد والخليل بن أحمد ويعقوب أيضا : ولا أكبر بالباء بواحدة والرفع، واحتمل الإعرابين : العطف على الموضع والرفع بالابتداء. وقرىء :
ينبئهم بالتخفيف والهمز وزيد بن علي : بالتخفيف وترك الهمز وكسر الهاء والجمهور : بالتشديد والهمز وضم الهاء.
قوله عز وجل أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ، يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ، إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ، يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ.
نزلت أَلَمْ تَرَ في اليهود والمنافقين. كانوا يتناجون دون المؤمنين، وينظرون إليهم ويتغامزون بأعينهم عليهم، موهمين المؤمنين من أقربائهم أنهم أصابهم شر، فلا يزالون كذلك حتى يقدم أقرباؤهم.
فلما كثر ذلك منهم، شكا المؤمنون إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فأمرهم أن لا يتناجوا دون المؤمنين، فلم ينتهوا، فنزلت، قاله ابن عباس.
وقال مجاهد :
نزلت في اليهود. وقال ابن السائب : في المنافقين. وقرأ الجمهور : وَيَتَناجَوْنَ وحمزة وطلحة والأعمش ويحيى بن وثاب ورويس : وينتجون مضارع انتجى. بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ : كانوا يقولون : السام عليك، وهو الموت فيرد عليهم : وعليكم. وتحية اللّه لأنبيائه :
وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى «١». لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ : أي إن كان نبيا، فما له لا يدعو علينا حتى نعذب بما نقول؟ فقال تعالى : حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ.
ثم نهى المؤمنين أن يكون تناجيهم مثل تناجي الكفار، وبدأ بالإثم لعمومه، ثم بالعدوان لعظمته في النفوس، إذ هي ظلامات العباد. ثم ترقى إلى ما هو أعظم، وهو معصية الرسول عليه الصلاة والسلام، وفي هذا طعن على المنافقين، إذ كان تناجيهم في ذلك. وقرأ الجمهور : فَلا تَتَناجَوْا، وأدغم ابن محيصن التاء في التاء. وقرأ الكوفيون