البحر المحيط، ج ١٠، ص : ١٦٦
باليسير من الرزق، ويرضى اللّه منهم بالقليل من العمل».
وأحمد علم منقول من المضارع للمتكلم، أو من أحمد أفعل التفضيل، وقال حسان :
صلى الإله ومن يحف بعرشه والطيبون على المبارك أحمد
وقال القشيري : بشر كل نبي قومه بنبينا محمد صلّى اللّه عليه وسلّم، واللّه أفرد عيسى بالذكر في هذا الموضع لأنه آخر نبي قبل نبينا صلّى اللّه عليه وسلّم، فبين أن البشارة به عمت جميع الأنبياء واحدا بعد واحد حتى انتهت إلى عيسى عليه السلام. والظاهر أن الضمير المرفوع في جاءَهُمْ يعود على عيسى لأنه المحدث عنه. وقيل : يعود على أحمد. لما فرغ من كلام عيسى، تطرق إلى الإخبار عن أحمد صلّى اللّه عليه وسلّم، وذلك على سبيل الإخبار للمؤمنين، أي فلما جاء المبشر به هؤلاء الكفار بالمعجزات الواضحة قالوا : هذا سِحْرٌ مُبِينٌ. وقرأ الجمهور : سحر، أي ما جاء به من البينات. وقرأ عبد اللّه وطلحة والأعمش وابن وثاب : ساحر، أي هذا الحال ساحر. وقرأ الجمهور : يدعى مبنيا للمفعول وطلحة : يدعى مضارع ادعى مبنيا للفاعل، وادعى يتعدى بنفسه إلى المفعول به، لكنه لما ضمن معنى الانتماء والانتساب عدى بإلى. وقال الزمخشري : أيضا، وقرأ طلحة بن مصرف : وهو يدعى بشد الدال، بمعنى يدعى دعاه وادعاه، نحو لمسه والتمسه.
يُرِيدُونَ الآية : تقدم تفسير نظيرها في سورة التوبة. وقال الزمخشري : أصله :
يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا «١»، كما جاء في سورة براءة، وكأن هذه اللام زيدت مع فعل الإرادة تأكيدا له لما فيها من معنى الإرادة في قولك : جئتك لأكرمك، كما زيدت اللام في : لا أبا لك، تأكيدا لمعنى الإضافة في : لا أبا لك. انتهى. وقال نحوه ابن عطية، قال : واللام في قوله : لِيُطْفِؤُا لام مؤكدة، دخلت على المفعول لأن التقدير : يريدون أن يطفؤا، وأكثر ما تلزم هذه اللام المفعول إذا تقدم، تقول : لزيد ضربت، ولرؤيتك قصرت. انتهى. وما ذكره ابن عطية من أن هذه اللام أكثر ما تلزم المفعول إذا تقدم ليس بأكثر، بل الأكثر : زيدا ضربت، من : لزيد ضربت. وأما قولهما إن اللام للتأكيد، وإن التقدير أن يطفؤا، فالإطفاء مفعول يُرِيدُونَ، فليس بمذهب سيبويه والجمهور. وقال ابن عباس وابن زيد : هنا يريدون إبطال القرآن وتكذيبه بالقول. وقال السدي : يريدون دفع الإسلام بالكلام. وقال الضحاك : هلاك الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم بالأراجيف. وقال ابن بحر : إبطال حجج اللّه بتكذيبهم.