البحر المحيط، ج ١٠، ص : ١٩٧
الأطهار فلا. وقال الشافعي : لا بأس بإرسال الطلاق الثلاث، ولا أعرف في عدد الطلاق سنة ولا بدعة وهو مباح، راعى في السنة الوقت فقط، وأبو حنيفة التفريق والوقت.
وقوله : فَطَلِّقُوهُنَّ مطلق، لا تعرض فيه لعدد ولا لوصف من تفريق أو جمع والجمهور : على أنه لو طلق لغير السنة وقع. وعن ابن المسيب وجماعة من التابعين : أنه لو طلق في حيض أو ثلاث، لم يقع. والظاهر أن الخطاب في وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ للأزواج :
أي اضبطوا بالحفظ، وفي الإحصاء فوائد مراعاة الرجعة وزمان النفقة والسكنى وتوزيع الطلاق على الأقراء. وإذا أراد أن يطلق ثلاثا، والعلم بأنها قد بانت، فيتزوج بأختها وبأربع سواها.
ونهى تعالى عن إخراجهنّ من مساكنهنّ حتى تنقضي العدّة، ونهاهنّ أيضا عن خروجهنّ، وأضاف البيوت إليهنّ لما كان سكناهنّ فيها، ونهيهنّ عن الخروج لا يبيحه إذن الأزواج، إذ لا أثر لإذنهم. والإسكان على الزوج، فإن كان ملكه أو بكراء فذاك، أو ملكها فلها عليه أجرته، وسواء في ذلك الرجعية والمبتوبة، وسنة ذلك أن لا تبيت عن بيتها ولا تخرج عنه نهارا إلا لضرورة، وذلك لحفظ النسب والاحتفاظ بالنساء. إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ : وهي الزنا، عند قتادة ومجاهد والحسن والشعبي وزيد بن أسلم والضحاك وعكرمة وحماد والليث، ورواه مجاهد عن ابن عباس، فيخرجن للحد. وعن ابن عباس :
البذاء على الاحماء، فتخرج ويسقط حقها في السكنى، وتلزم الإقامة في مسكن تتخذه حفظا للنسب. وعنده أيضا : جميع المعاصي، من سرقة، أو قذف، أو زنا، أو غير ذلك، واختاره الطبري، فيسقط حقها في السكنى. وعند ابن عمر والسدي وابن السائب : هي خروجها من بيتها خروج انتقال، فيسقط حقها في السكنى. وعند قتادة أيضا : نشوزها عن الزوج، فتطلق بسبب ذلك، فلا يكون عليه سكنى وإذا سقط حقها من السكنى أتمت العدّة. لا تَدْرِي أيها السامع، لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً
، قال المفسرون :
الأمر هنا الرغبة في ارتجاعها، والميل إليها بعد انحرافه عنها أو ظهور حمل فيراجعها من أجله. ونصب لا تدري على جملة الترجي، فلا تدري معلقة عن العمل، وقد تقدم لنا الكلام على قوله : وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ «١»، وذكرنا أنه ينبغي أن يزاد في المعلقات لعل، فالجملة المترجاة في موضع نصب بلا تدري.