البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٢١١
حمامة بطن الواديين ترنمي يريد : بطني. وغلط ابن مالك فقال في كتاب التسهيل : ونختار لفظ الإفراد على لفظ التثنية. وقرأ الجمهور : تظاهرا بشد الظاء، وأصله تتظاهرا، وأدغمت التاء في الظاء، وبالأصل قرأ عكرمة، وبتخفيف الظاء قرأ أبو رجاء والحسن وطلحة وعاصم ونافع في رواية، وبشد الظاء والهاء دون ألف قرأ أبو عمرو في رواية، والمعنى : وأن تتعاونا عليه في إفشاء سره والإفراط في الغيرة، فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ : أي مظاهره ومعينه، والأحسن الوقف على قوله : مَوْلاهُ. ويكون وَجِبْرِيلُ مبتدأ، وما بعده معطوف عليه، والخبر ظَهِيرٌ. فيكون ابتداء الجملة بجبريل، وهو أمين وحي اللّه واختتامه بالملائكة. وبدى بجبريل، وأفرد بالذكر تعظيما له وإظهارا لمكانته عند اللّه. ويكون قد ذكر مرتين، مرة بالنص ومرة في العموم. واكتنف صالح المؤمنين جبريل تشريفا لهم واعتناء بهم، إذ جعلهم بين الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون. فعلى هذا جبريل داخل في الظهراء لا في الولاية، ويختص الرسول بأن اللّه هو مولاه. وجوزوا أن يكون وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ عطفا على اسم اللّه، فيدخلان في الولاية، ويكون وَالْمَلائِكَةُ مبتدأ، والخبر ظَهِيرٌ، فيكون جبريل داخلا في الولاية بالنص، وفي الظهراء بالعموم، والظاهر عموم وصالح المؤمنين فيشمل كل صالح. وقال قتادة والعلاء بن العلاء بن زيد : هم الأنبياء، وتكون مظاهرتهم له كونهم قدوة، فهم ظهراء بهذا المعنى. وقال عكرمة والضحاك وابن جبير ومجاهد : المراد أبو بكر وعمر، وزاد مجاهد : وعلي بن أبي طالب.
وقيل : الصحابة.
وقيل : الخلفاء. وعن ابن جبير : من برىء من النفاق، وصالح يحتمل أن يراد به الجمع، وإن كان مفردا فيكون كالسامر في قوله : مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً «١»، أي سمارا. ويحتمل أن يكون جمعا حذفت منه الواو خطأ لحذفها لفظا، كقوله : سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ «٢»، وأفرد الظهير لأن المراد فوج ظهير، وكثيرا ما يأتي فعيل نحو : هذا للمفرد والمثنى والمجموع بلفظ المفرد، كأنهم في المظاهرة يد واحدة على من يعاديه، فما قدر تظاهر امرأتين على من هؤلاء ظهراؤه، وذلك إشارة إلى تظاهرهما، أو إلى الولاية.
وفي الحديث أن عمر قال : يا رسول اللّه لا تكثرت بأمر نسائك، واللّه معك، وجبريل معك، وأبو بكر وأنا معك، فنزلت. وروي عنه أنه قال لزوجات النبي صلّى اللّه عليه وسلّم : عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ الآية، فنزلت.
وقرأ الجمهور : طلقكن بفتح القاف، وأبو عمرو في رواية ابن

(١) سورة المؤمنون : ٢٣/ ٦٧.
(٢) سورة العلق : ٩٦/ ١٨.


الصفحة التالية
Icon