البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٢٢١
موضع نصب، كما لو وقعت في موضع المفعولين وفيها ما يعلق الفعل عن العمل. وقد تقدّم الكلام على مثل هذه الجملة في الكهف في قوله تعالى : لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا «١»، وانتصب طِباقاً على الوصف لسبع، فإما أن يكون مصدر طابق مطابقة وطباقا لقولهم : النعل خصفها طبقا على طبق، وصف به على سبيل المبالغة، أو على حذف مضاف، أي ذا طباق وإما جمع طبق كجمل وجمال، أو جمع طبقة كرحبة ورحاب، والمعنى : بعضها فوق بعض.
وما ذكر من مواد هذه السموات. فالأولى من موج مكفوف، والثانية من درّة بيضاء، والثالثة من حديد، والرابعة من نحاس، والخامسة من فضة، والسادسة من ذهب، والسابعة من زمردة بيضاء يحتاج إلى نقل صحيح، وقد كان بعض من ينتمي إلى الصلاح، وكان أعمى لا يبصر موضع قدمه، يخبر أنه يشاهد السموات على بعض أوصاف مما ذكرنا. مِنْ تَفاوُتٍ، قال ابن عباس : من تفرّق. وقال السدّي : من عيب. وقال عطاء بن يسار : من عدم استواء. وقال ثعلب : أصله من الفوت، وهو أن يفوت شيء شيئا من الخلل. وقيل :
من اضطراب. وقيل : من اعوجاج. وقيل : من تناقض. وقيل : من اختلاف. وقيل : من عدم التناسب والتفاوت، تجاوز الحد الذي تجب له زيادة أو نقص. قال بعض الأدباء :
تناسبت الأعضاء فيه فلا ترى بهن اختلافا بل أتين على قدر
وقرأ الجمهور : مِنْ تَفاوُتٍ، بألف مصدر تفاوت وعبد اللّه وعلقمة والأسود وابن جبير وطلحة والأعمش : بشدّ الواو، مصدر تفوّت. وحكى أبو زيد عن العربي : تفاوتا بضم الواو وفتحها وكسرها، والفتح والكسر شاذان. والظاهر عموم خلق الرحمن من الأفلاك وغيرها، فإنه لا تفوت فيه ولا فطور، بل كل جار على الإتقان. وقيل : المراد في خَلْقِ الرَّحْمنِ السموات فقط، والظاهر أن قوله تعالى : ما تَرى استئناف أنه لا يدرك في خلقه تعالى تفاوت، وجعل الزمخشري هذه الجملة صفة متابعة لقوله : طِباقاً، أصلها ما ترى فيهن من تفاوت، فوضع مكان الضمير قوله : خَلْقِ الرَّحْمنِ تعظيما لخلقهن وتنبيها على سبب سلامتهن من التفاوت، وهو أنه خلق الرحمن، وأنه بباهر قدرته هو الذي يخلق مثل ذلك الخلق المناسب. انتهى. والخطاب في ترى لكل مخاطب، أو للرسول صلّى اللّه عليه وسلّم. ولما أخبر تعالى أنه لا تفاوت في خلقه، أمر بترديد البصر في الخلق المناسب